تريد أن تبقى حرة طليقة. فلما اشتد إلحاح رجال القصر عليها. طلبت من البرلمان أن يكون ابن عمها شارل جستاف هو وارث العرش من بعدها.
وفي عام ١٦٥٤ - ولم تكد كرستينا أن تبلغ الثامنة والعشرين تنفس شعبها الصعداء، لان ملكتهم قد اعتزلت الملك وغادرت البلاد، وليس من السهل أن نقدر الدافع الأكبر الذي دفعها إلى سلوك هذا السبيل، فقد كانت هنالك بواعث شتى تعتلج في صدرها، فمن شعب مضطرب ثائر على تبذير ملكته، إلى بغض شديد لتلك التكاليف المضنية التي يستلزمها الاضطلاع بالحكم، إلى رغبة شديدة كانت تدفعها لأن تعيش في جنوب أوربا، وأن تعتنق الدين الكاثوليكي. ولعل أقوى دافع لها إلى اعتزال الملك أنها كانت تريد أن تبهر ملوك العالم حين يرون ملك في ريعان شبابها تنزع عن جبينها التاج وتلقي به في ازدراء واحتقار.
وقد تم لها ما أرادت، فغادرت وطنها، ومعها ثروة حسنة لم تلبث أن أتت عليها، واعتنقت دين الكاثوليك. واتخذت لها في روما قصرا عاشت فيه زمنا عيش الإسراف الذي لا يعرف حدا.
وزارت فرنسا مرتين، في المرة الثانية أدهشت وأغضبت ولاة الأمور حين أمرت رجالها بقتلعشيقها مونالديسكي. فاضطروها إلى مغادرة فرنسا والعودة إلى روما.
لقد كانت المقادير ارحم بكريستينا والطف، لو أنها وافتها منيتها بعد أن نزلت روما، وبعد أن نفذت ثروتها، ولكن الأجل قد تراخى بها حتى بلغت الستين، وكان الشطر الأخير من حياتها مفعما بالألم والشقاء. وعادت إلى وطنها حين بلغت الأربعين تحاول عبثا أن تسترد الملك فلن تلقى سوى الأعراض والنفور. ورجعت إلى روما حيث قضت بقية العمر، وقد نسيها العالم وأهملها الناس، وظلت تعيش عيشة الضنك والضيق وجل رزقها مما يجود به عليها البابا من الهبات حين امتنعت عنها الموارد وتقطعت بها الأسباب.