عرف (لاجرانح) الرياضي الفرنسي المشهور علم الحيل (الميكانيكا) بأنه هندسة رباعية الأبعاد - الزمن بعدها الرابع - فإن أي جسم متحرك يتحدد موقعه في الكون بأربعة متغيرات على أن هذا التعريف لم يلفت أنظار العلماء كما فعلت رواية (آلة الزمن) وما أخال القارئ إلا ذاكراً جملة صاحب الاختراع إذ يقول: (واضح أن لكل جسم امتداداً في أربعة أبعاد: الطول والعرض والسمك والاستدامة الزمانية). فوجود جسم يحتم أن يستمر لحظة من الزمان مهما كانت قصيرة. أما إذا لم يستغرق وجوده جزءاً من الزمان فهو غير موجود حتما، ولكن هل يعني شرط وجود الجسم في الزمان أن الزمان بعد رابع كأبعاد المكان؟ نجد الجواب عند بعض العلماء، أو بالأحرى عند أكثرهم إيجاباً. يقول (برجسون) الفيلسوف الفرنسي المتوفى حديثاً في كتابه (الزمن والإرادة الحرة): (وهكذا فإن الزمن يكتسب شكلا وهمياً لوسط متجانس يربطه مع المكان رابطة التواقت، وهذه يمكن تعريفها بأنها تقاطع الزمان والمكان (مهما كان معنى هذا))
ومنذ سنة ١٩٠٩ ادعى منفوسكي الرياضي الألماني - وهو من أعلام هذا البحث - أنه محا الفاصل بين الزمان والمكان، وأن الزمان والمكان منفصلين عدم، ليس لكل منهما أي حظ من الحقيقة؛ أما حقيقتهما فهي الاندماج في وحدة (الزمان) كاندماج الماء في الماء الملح، وهذا الاندماج يعتمد في النسبية على معادلات رياضية قد لا تلذ إلا نفراً قليلاً من القراء، ولذا نغفلها عارضين للمشكلة من وجهتها البسيطة السهلة. ولكنا سنتساءل هل هذا الاندماج صحيح؟ هل يرمز إلى شيء واقعي في العالم الخارجي أو أنه مجرد خيال رياضي له ميزة جديرة بالاعتبار هي أنه يفسر بعض الظواهر التي أعجزت العلماء منذ طويل؟ وإذا كان الزمان واقعياً فهل نستطيع أن نفصل الزمن عنه كبعد رابع له خصائص الأبعاد الثلاثة ننتقل فيه في الواقع كما انتقل بطل ويلز في الخيال؟
يحسن قبل أن نحاول الإجابة على هذه الأسئلة أن نشرح نظرتنا إلى المكان والزمان. لنفرض أننا نتصور جسما في الفضاء فأول ما يتميز به تصورنا هذا الجسم هو وجوده في مكان ثلاثي الأبعاد. ولعلنا لا نحتاج إلى القول إن هذا المكان موجود ما وجد فيه ذلك الجسم. ففضاء لا تشغله مادة عدم. والعدم لا يتناوله تفكيرنا في شيء قليل أو كثير. إذا وجود المكان مكتسب من وجود المادة، ووجود المادة لا يقبله العقل إلا في ثلاثة أبعاد. ولقد