زوج أمثل للمرأة التي فيها شكاسة، والرجل الحليم المئتد زوج أمثل للمرأة المتعجلة الرعناء، ولكنهم يختلفون ولا يتوافقون هذا التوافق، فإذا هم أسوأ الأمثلة للأزواج وأقلهم أملاً في الرفاء والوفاء
والبيت مشكلة المشاكل في العصر الحديث
ففي العصور الماضية كانت المسافة قريبة جداً بين العالم البيتي والعالم الخارجي، وكانت الملاهي الخارجية أشبه شيء بملاهي المنادر في البيوت مع قليل من التوسع والتعميم. فلم يكن من العسير أن تتفق معيشة الأسرة ومعيشة المحافل الساهرة، ولو كانت محافل لهو وانطلاق
أما اليوم، فالمسافة بعيدة جداً بين عالم البيت والعالم الخارج، لان المناظر التي يراها الساهر في العالم الخارج لا يراها في
بيته ولو كان من أهل السعة واليسار، وإنما نشأ هذا عن اختراع الآلات التي تعمل للألوف وألوف الألوف ولا تقصر
عملها على جماعات من الناس يعدون بالعشرات كما كانت محافل اللهو في العصر القديم. وليس من المعقول أن تنفق الشركات مليون ريال على منظر سينما يدار في مندرة أو بهو أو قصر كبير بضع ساعات؛ ولا نعرف اختراعاً من هذه الاختراعات يوافق الحياة البيتية غير المذياع الذي يسهل اقتناؤه في الصغير والكبير في البيوت، وهو وحده لا يغني عن سائر ألا فانين التي تتنوع في محافل السهرات
فالبيت في العصر الحديث مهدد الأساس، ولا وقاية له من هذا التهديد إلا الإقلال من العواصم الكبرى وتشجيع الإقامة في الريف، وإلا تربية الذوق المستقل الذي يصعب انغماسه في غمرة الجماهير، وتربية الإرادة الفردية التي يهمها أن تنطوي على نفسها حيناً بعد حين، ويعجبها أن تنعم بالعشرة الأخوية بين الصحب المتفاهمين والأقارب المتعاونين، فوق إعجابها بضجة السواد وزحام القطيع
وليس ما نذكره هنا حلولاً لمشكلة الزواج ولا علاجاً حاسماً لآفات العصر الحديث، ولكنه محاولة لفهم المشاكل على حقيقتها لاغني عنها وعن أمثالها قبل الرجاء في علاج ناجح؛ إذ كل علاج لا يسبقه الفهم الصحيح يقع على غير الداء، وقد يضاعف الأذى من الشفاء