إلا أننا نعتقد أن الحلول جميعاً لن تخلي الزواج من عقدة مؤرَّبة باقية على الزمن كله، لأنها قائمة على طبيعة في النفس الإنسانية لا يرجى لها تبديل كبير
تلك العقدة هي غرابة الأسرار الجنسية التي تدفع بالرجل إلى اختيار المرأة، وتدفع بالمرأة إلى اختيار الرجل. فليس لزماً أن يحب الرجل امرأة تستحق حبه، أو تصلحه وتصلح أبناءه، أو تجد فيه مزية كالمزية التي يجدها فيها؛ بل يتفق كثيراً أن يترك المرأة التي تسعده ويتعلق بالمرأة التي تشقيه، ويتفق كثيراً أن يهواها للأسباب التي توجب عليه احتواءها والإعراض عنها. وشأن المرأة في هذه الخليقة أعجب من شأن الرجل وأنأى عن الرشد ودواعي الاختيار المميز البصير؛ فإن إخلاصها لمن يستحق منها الإخلاص اندر من إخلاصها لمن يفسدونها ويسيئون إليها، وهي خليقة لها أسرار اعمق من عرف المجتمع وآداب الزواج وأواصر الأهل والأسر، وليس بالميسور مع بقائها في الطباع خلو الزواج من المشكلات
ولكن الطبيعة تهدينا إلى بعض الأسرار كما تخفى عنا كثيراً من الأسرار، وحسبنا أن نقتدي بها في أساليبها لننتهي إلى شيء في هذا الباب خير من لاشيء. فإن أساليبها في علاقة الجنسين تجري في نهجين مطردين لا يختلفان بين الإنسان وسائر الحيوان وإن اختلفت في الحيوان بعض المظاهر والغايات
أول هذين النهجين هو مزج الواجب بالسرور، فلا يخدم الإنسان النوع بإدامة النسل أو بالإصلاح والإرشاد إلا وفي خدمته سرور له يقويه على واجبه ويغريه باحتماله
وثاني هذين النهجين (التوريط) الذي يقيد الإنسان حين يربد الإفلات فلا يقدر على الإفلات، لأن مصاعب النجاة من الحالة التي يعانيها أكبر من مصاعب الصبر عليها بعد وقوعه فيها. وخير الأمثلة على ذلك كفالة الأبناء ومتابعة السعي في سبيل المجد من مرحلة إلى مرحلة، وقد كان الساعي فيه يحسب أنه مستريح بعد المرحلة الأولى
وتلك هداية لا يعدم الفائدة من يتوخاها في علاج جميع المشكلات