عليه لم تصل إلى مثله جامعة حديثة. وليس في الأزهريين بحمد الله من يستطيع إذا جد الجد أن يقف على قدميه ليناوئ حركة الإصلاح!
وهو بعد هذا كله رجل ذو جاه ومنزلة بين الناس، يتمتع بين أولي الأمر وأصحاب السلطان بما لن يتمتع به أحد سواء من رجال الإصلاح: فالحكومة تحترمه، والشعب يقدره، ورجال العلم والفكر يحبونه، وولى الأمر - حفظه الله - يتوج هذا كله بعطفه ورعايته وتكريمه، ويفد إليه في دروسه يحيط به رجال دولته وأفذاذ أمته!
فماذا بقى بعد ذلك ليعطل الإصلاح، ويحول بين هذا الرجل العظيم وبين مُتَبوَّ إفي التاريخ عظيم؟!
ترجع العوامل التي تحول بين الأستاذ الأكبر وبين تنفيذُ برنامج الإصلاح الذي وضعه إلى نواح ثلاث:
١ - طبيعة الأزهر
٢ - أحوال الطلاب
٣ - السياسة العامة في الإدارة
وليس من الخير أن نفصل كل هذه العوامل عل هذا المنبر العام، ولكننا نكتفي بالإجمال رعاية لمقتضيات الأحوال
١ - طبيعة الأزهر
هناك نوع من الأعمال يكفي لكي ينجح المراء فيه أن يرجع إلى نفسه، ويعتمد على ما يبذله شخصياً من جهود، فالمؤلف
يستطيع أن يعكف على مراجعه، وينقطع إلى بحوثه وتأملاته، ويبذل من فكره وعقله ما يستطيع أن يبذل، فينتهي به الأمر إلى أن ينتج، أو يسير في طريق الإنتاج شوطاً يتناسب مع عمله وجهوده.
وهناك من الأعمال ما لابد فيه من تعاون، ولا تكفي فيه عبقرية العبقري، ولا جهد المجتهد، فالمعلم لا يستطيع أن يفيد بعلمه كل تلميذ، وإنما يفيد التلميذ القابل للتعلم، المستعد للفهم، الآخذ بالأسباب!
ومهمة المصلح كمهمة القائد من النوع الثاني، فكما أن القائد مهما كان شجاعاً عبقرياً