والمملكة السعودية مما يثير أشد الاهتمام من جانب السياستين البريطانية والإيطالية؛ ومن الصعب أن نحاول الآن أن نلتمس ما قد يكون لإحدى هاتين السياستين أولهما معا عناصر الوحي أو التأثير في سير الظروف والحوادث التي أدت إلى هذه الأزمة الخطيرة في علائق زعيمي الجزيرة العربية؛ ولكن الذي لا ريب فيه أن السياستين البريطانية والإيطالية ترقب كل فرصها خلال هذه الحوادث، وتبذل وسعها للاستفادة منها، ودفعها إلى الطريق الذي يتفق مع مصالحها وغاياتها
وليس هنا مقام التحدث عن المسؤولية، عمن ترجع إليه التبعة في وقوع هذه الحرب التي تهدد مصاير الجزيرة العربية بشر العواقب، فلكل من الفريقين المتخاصمين وجهة نظر، ولكل أسبابه التي يستند إليها في تأييد موقفه. ويكفي أننا سردنا الحوادث والظروف التي أدت إلى هذا الموقف. وهي كما يرى القارئ حوادث وظروف تجتمع وتتهيأ منذ عدة أعوام، ثم اشتدت وتفاقمت في العامين الأخيرين. بيد أننا لا يسعنا إلا أن نعرب عما يخالجنا ويخالج العرب جميعا والمسلمين جميعا من الأسف والجزع لاضطراب أفق الجزيرة العربية بهذا الحدث الخطير الذي لا تقتصر عواقبه على المملكة السعودية وحدها أو على اليمن وحدها، ولكنها تلحق القضية العربية بأسرها. ونحن على يقين من أن جلالة عبد العزيز بن السعود، وسيادة الإمام يحيى يدرك كلاهما خطورة لموقف ويود أن يتقيه بكل ما وسع؛ ولقد برهن كلاهما خلال الأعوام الأخيرة في اكثر من موطن على انه يؤثر التذرع بالروية والحكمة ويؤثر الصفاء والسلام، وقد استطاعا حتى اليوم أن يتجنبا كارثة الحرب؛ فمثل هذه الحرب مهما كانت نتائجها بالنسبة للمملكة السعودية أو اليمن لا يمكن إلا أن تكون شرا على مستقبل الجزيرة العربية؛ وما تزال ثمة فرصة للمهادنة والتفاهم، فهلا بذل زعيما الجزيرة مجهودا أخيرا لتدارك الخطب وحقن الدماء، فيحققا بذلك رجاء كل عربي وكل مسلم، ويعيدا بذلك إلى الجزيرة سلامها وأمنها؟