الأزهر وتراثه الثقافي جميعاً، على حين يفهم كل أحد أن فكرة (الاجتهاد) التي يدعوا إليها الأكبر ليست هي القضاء على (جميع) ما تضمه كتب الأزهر بين دفتيها، وإنما هي ترمى إلى (تنقية) هذه الكتب وتصفيتها وتجويد عرضها من ناحية الأسلوب ومن نواح أخرى لا ينكرها المتدين المتعمق متى أخذها بالتفكير الدقيق. ولقد فعل الأستاذ الأمام المراغي في ذلك كثيراً فلم ينكر عليه أحد ما فعل، وإنما أيده الأزهريون القدامى والمحدثون فيما اضطلع به من التجديد الذي استمد مادته من كتاب الله وسنة نبيه الكريم، في موضوع الطلاق، وفي موضوع الهبة والتوريث؛ وإنما أيده أُولئك وأُولئك في منهاجه الحكيم المحكم الدقيق الذي عرفه له العالم الإسلامي في تفسيره لطائفة من سور القرآن الكريم
والأستاذ الأكبر حين ظفر بكل هذا التأييد في إنتاجه الذي هو إصلاح بالغ، إنما وضع الأساس لأمثال صاحب الفضيلة (العالم) الكاتب حتى ينهجوا نهجه، وحتى ينفقوا أوقاتهم كلها في السير على منواله، فإصلاحه من هذه الناحية حقيقة لقيت وجودها تحت الشمس وهو في عهده الآن في الأزهر لم يلان كثرة الأزهريون ولا قلتهم، لسبب بسيط، هو أن إصلاحه ماض في طريقة بالخطوة الوئيدة، ماض إلى هدفه بالرمية السديدة، أما العناية الأزهرية بالوظائف وما إليها، فهذه حكاية أقحمها العالم الجليل على موضوع لا صلة له بالبحث الذي نحن بصدده، لا من قريب ولا من بعيد، ونحسب أن الرد يكون طريفاً حقاً لو تفضل العالم الكاتب وقال لنا من يكون؟
(القاهرة)
كمال عبد الآخر
رسالة الأزهر
للأزهر رسالة واضحة كل الوضوح، كما أنها ثقيلة لا ينهض بها إلا رجال أكفاء قد وهبوا أنفسهم لله ووقفوا حياتهم على أمتهم.
وحسبنا لنعرف هذه الرسالة أن ننظر إلى رجال الدين المسيحي وتوازن بينما يعملون وما يعمله رجال الدين الإسلامي لنرجع من هذه الموازنة والكرب يكاد يقتلنا على تقصير رجال الدين الإسلامي وإهمالهم وضعفهم ونقصهم