أردتم فيما أردتم تعليم الفلاح وتحسين صحته وتنظيم حياته ورفع مستواه، ووددتم منع البطالة والقضاء على الجرائم والاستجداء والخمر والميسر والإعراض عن الزواج والطلاق وتخنث الشبان وتهتك النساء وتبرجهن، وحاولتم مكافحة الأمراض السرية والعلنية، وبنيتم مطاعم وحمامات ومغاسل للشعب؛ ثم شرعتم في كسوة أقدام الفقراء بالأحذية، وستشرعون في إقامة منشأة لهم
أردتم ما لا حصر له من الإصلاح ولم توفقوا التوفيق المرتجى في أحدها، وذا أنكرتم ذلك فهاتوا برهانكم وإذا كنتم تقرون قولي فتعالوا نبحث العلة ونفهم المسببات.
إنكم مسلمون لأن دين الدولة الرسمي هو الإسلام. وإنكم تعلمون أن القران من عند الله ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وإنه لم يحرف، وإنه صالح لكل الأزمنة ولم ينزل كتاب بعده.
ثم إنكم تسلمون أنه مهما سمى تفكير الإنسان وتدبيره، ومهما صح حكمه على الأشياء فلن يصل إلى درجة خالقه ولم يرقى لمرتبته في العلم
إذاً فالقوانين التي نسنها لا يمكن بأية حال أن تكون اصلح من تلك التي وضعها لنا الله، فإذا أسلمتم بهذا أيضاً ولا أخالكم إلا مسلمين، أفليس من حسن التميز أن نجرب السير على قوانين الله ولو لمدة محدودة كما سرنا على غيرها أعواماً من غير طائل؟
أن هذا لا يكلفنا كثيراً، ولا يتطلب إلا أن تجند وزارة الشؤون الاجتماعية ذلك الجيش من علماء الأزهر الشريف والمعاهد الدينية ليقوموا بما فرض الله عليهم. ليعلموا الناس دينهم وليفهموهم مثلاً أن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر وأنها افضل أنواع الرياضة البدنية، وليبينوا لهم الحكمة في نظامها وكيفية أدائها وعدد ركعاتها وتحديد أوقاتها ليعرفوهم أخلاق الرسول صلوات الله عليه وأخلاق الصحابة والتابعين، وليفهموهم حقوق الرجل على زوجه والمرأة على بعلها، وأن اكره الحلال عند الله الطلاق، وليشرحوا لهم أن بعض الذنوب لا يكفرها إلا السعي على الرزق، وجزاء المستجدي في الدنيا والآخرة، وما يلاقيه السكران في يومه وغده.
ثم نفذوا فيهم أحكام الدين بعد ذلك ولا تأخذكم بهم رحمة. ولا تعتقدوا أن أحكام الله قاسية فهو ارحم بكم منكم، فقطع يد السارق في حقيقتها أخف بكثير من سرقة يعقبها سجن،