أهو هذا؟ كلا! حسن! إن الباب يتحرك كأن إنساناً دخل، ولكن لا
رباه! مالي أصبحت الآن أخشى عودة زوجي؟
ثم اعتراها الوجوم فظلت ساهمة تغوص في الهم كما يغوص الغريق في اللجة؛ ثم فقدت الشعور بالدنيا فلم تسمع في الخارج حركة ولا ضجة
انفتح الباب فجأة فانسكب في الكوخ شعاع أبيض، ثم لاح الصياد على العتبة يجر شبكته وهي تقطر من البلل ويقول بلهجة المبتهج: تلك مهنة البحر!
- ١٠ -
رأت جاني زوجها فهتفت به وعانقته عناق الحبيب. وكان الزوج في أثناء ذلك جذلان يقول: هأنذا يا امرأتي! ثم ينعكس على جبينه الذي يضيئه نور الكانون، قلبه المسرور الطيب الذي يضيئه حب جاني
- كيف كان الجو؟ - كان قاسياً. وكيف كان الصيد؟
- كان سيئاً! ومع ذلك أجدني قد وجدت السرور والراحة حين قبلتك!
لقد خرقت شباكي ولم أصد شيئاً! ما كان أهول ذلك الجو! لقد كان يخيل إليّ أن الشيطان ينفخ في الهواء، وأن السفينة المضطربة توشك أن ترقد في الماء!
- وأنت ماذا صنعت في هذا الجو القاسي؟
فاستقلت الرعدة جاني وقالت:
- أنا؟ لا شيء. لقد كنت أخيط كالعادة؛ وكنت أسمع البحر يزمجر كالرعد فتدركني روعة شديدة
- أجل إن الشتاء شديد؛ ولكن الزمن كله في حياتنا سواء! ثم قالت جاني وهي تضطرب اضطراب من فعل شرا:
- إن جارتنا الأرملة قد ماتت. ولعل موتها كان في عشية الأمس بعد أن خرجت أنت. لقد تركت طفلين صغيرين: غليوم ومادلين. ذاك يحبو ولا يمشي، وتلك تغمغم ولا تبين. لشد ما كابدت هذه المرأة الصالحة برحاء الهم والفقر!
فلما سمع الرجل هذا الخبر اتخذ هيئة الجد ورمى بقبعته المبللة في كسر الكوخ ثم قال وهو يحك بأظفاره جلدة رأسه: