فيضيع المعنى الشعري الجميل، الذي يمثل رفق الأغنياء بالمهاجرين الفقراء، عن طيب نفس وبلا انتظار لأمرٍ يصدر من هنا أو هناك!
أغنياؤنا اليوم مدعوّون لوليمة روحية لا تتاح في كل يوم، فأمامهم فرصة للشعور بمعاني جديدة لم يشعروا بمثلها من قبلُ، الشعور بمعاني الكرم والإيثار والإفضال، وهي معانِ أشهى وأطيب من الأنس بالمال المكنوز في أوثق الحصون
فالبائس الذي يكرمونه اليوم، ليس صُعلوكاً يتسول حتى يملكوا كف أيديهم عن الإحسان إليه، وإنما هو أخُ مواطن صدته الظروف القواهر عم مواصلة عمله في مدينة معرضة لعدوان الباغين على الحق وعلى الإنسانية
وهذا المواطن المصدود عن طلب الرزق يستطيع أن يؤدي خدمة تنفعه وتنفعكم إذا أردتم أن يدفع ثمن القوت والإيواء.
نحن لا ندعوكم إلى تدليل المهاجرين حتى ينسوا أن الدنيا دار كفاح ونضال، وإنما ندعوكم إلى تيسير وسائل الرزق الحلال لمن يستطيعون أن يعملوا بلا إجهاد ولا إرهاق
أما الذين لا يصلحون للعمل من الأطفال والعجائز، فهم غيوث تساق إليكم، وما أسعد من تواتيه الظروف على تربية طفل يتيم، أو إسعاد عجوز فقد من يعوله من أهل وأبناء!
جربوا هذه الألوان من طعوم الحياة، يا أبناء هذه البلاد جربوها ثم حدثوني عما وجدتم من شهي المذاق
سبعون ألفاً يبدَّدون كما يبدَّد العِقد المنظوم؛ ثم لا يلتفت إليهم أحد من الأغنياء التفاتة الرفق والعطف والإشفاق؟
فلأي يوم ادخرنا أغنياءنا، إن لم نكن ادخرناهم لمثل هذا اليوم؟
الرفق باليتامى لا يمر بلا جزاء، والإشفاق على المنكوبين لا يفوت بلا ثواب، وإن الله لينظر إلى ما تعاملون به أولئك وهؤلاء، فما أنتم صانعون؟
سيخرج المحاربون بمغانم جديدة أقلُها القدرة على تعديل صحائف التاريخ
فما غنائمنا في هذه الحرب؟
ما غنائمنا إن لم نفز بفتح جديد هو تفجير ينابيع العطف والتآخي في الصدور المصرية؟
وما قيمة الحياة إن لم نذق فيها من طعوم الرغد غير الشبع والريّ في عزلة عن بلايا