ليس على الأعمال ثواب ولا عقاب لا في الدنيا ولا في الآخرة. ثم يدخل الطالب في الدور التاسع وفيه ينقاد الانقياد الأعمى لشيخه فلا يخالف له أمرا ولا يعصي له كلمة ولو أدت إلى الموت.
ونظرة إلى هذه التعاليم ترينا مقدار مخالفتها للدين الإسلامي، فأن منها ما لو آمن به المسلم لكفر، ونتبين منها الكراهة لبني العباس والتشويش على الطالب بتلقينه معنى مكتوما لمتن القرآن حتى يتيسر لهم التوفيق بين إنكار الجنة والنار، وما ورد في ذلك الكتاب المقدس عن وجودهما بأصرح عبارة. ثم هذا إلى ذكر المشرعين الإلاهيين والرسل الذين يدعون إلى الدينالصحيح، وما في ذلك من التشكك في صحة النبوة والدعوة إلى الارتياب فيها وقصر الصحة على أولئك الرسل وحدهم.
في هذه المدرسة التي ذكرنا تعاليمها الخبيثة درج زعيم الحشاشين، وعلى هذه المبادئ التي تناقض الدين نشأ ابن الصباح. فلا عجب إذن أن فعل ما سنراه من المنكرات، ولا عجب أن تكون هذه الأفعال نتيجة سيئة لإنكار الحساب والجزاء والعقاب. وإذا كان الشخص الناشئ على هذه التعاليم خطراً على الدين والأخلاق فماذا يكون إذا شابه ابن الصباح فيما كان عليه من دهاء وعلم وحذق؟! لكإن ابن الصباح اصلح نفسية تلائم هذه المدرسة واخصب عقلية لغرس تعاليمها.
كيف تولى ابن الصباح أمر الإسماعيلية
لا يقول ابن الأثير (وكان الحسن من تلاميذ ابن العطاش الطبيب الذي ملك قلعة أصبهان، ومضى ابن الصباح فطاف البلاد ووصل إلى مصر، ودخل على المستنصر صاحبها فأكرمه وأعطاه مالا، وأمره أن يدعو الناس إلى إمامته، فقال له الحسن فمن الإمام بعدك؟ فأشار إلى ابنه نزار وعاد من مصر إلى الشام والجزيرة وديار بكر والروم ورجع إلى خراسان، ودخل كشغر وما وراء النهر يطوف على قوم يضللهم. فلما رأى قلعة (آلموت) واختبر أهل تلك النواحي أقام عندهم وطمع في غوايتهم ودعاهم في السر، واظهر الزهد والورع ولبس المسوح فتبعه أكثرهم، والعلوي صاحب القلعة حسن الظن به، وجلس إليه وتبرك به. فلما احكم الحسن أمره دخل يوما على العلوي في القلعة، فقال له ابن الصباح: أخرج من هذه القلعة، فضحك العلوي وظنه يمزح، فأمر ابن الصباح أصحابه فأخرجوه إلى