أحياناً شيء من ضعف التأليف، نلحظه دائماً في كتابات ذلك العصر.
ولا كذلك عبد القادر حمزة: فقد نشأ في بيئة غير تلك، وعصر نُبهت فيه العربية، ونضجت الأقلام، حتى إن مصر لتُباهي فيه بكتاب هم بلا شك من مفاخر العربية.
هذه إلمامة عامة مجملة. وتفصيلها يقتضي بحثاً طويلاً، ودراسة مسهبة لهؤلاء الرجال وأزمانهم وثقافتهم، ثم كتاباتهم، وكيف كانت أولاً، وكيف تطورت، وعوامل كل أولئك ونتاجه. ولا شك أن تاريخ الأدب الحديث سيقول في ذلك كله قوله الفصل.
(ا. ع)
إلى الأستاذ محمود شلتوت
ورد في مقالكم القيم (الإسلام والعلاقات الدولية) العدد ٤١٥ من الرسالة الغراء عن أسرى الحرب في الإسلام ما يلي: وخير الإمام بين إطلاقهم من غير مقابل وفدائهم على حسب ما يرى من المصلحة. وقد منَّ صلى الله عليه وسلم وفادى بالمال وبتعليم الأسارى أبناء المسلمين الكتابة. أما استرقاقه صلى الله عليه وسلم أو إباحته للاسترقاق فقد كان مجاراة لحالة اجتماعية سائدة في الأمم إذ ذاك ولم يكن على وجه التشريع العام، وإنما التشريع العام في ذلك قوله تعالى:(فإما مَنَّا بعد وإما فداء)
فهل لنا يا سيدي الأستاذ أن نفهم من ذلك أن الرق في الإسلام من قبيل الأحكام التي تزول بزوال أسبابها ومقتضياتها كتركه صلى الله عليه وسلم صلاة التراويح بالناس معللاً هذا الترك بقوله: إني خشيت أن تفرض عليكم. حتى إذا ما أكملت الشريعة وفصلت الأحكام وانتقل النبي الكريم إلى الرفيق الأعلى وزالت خشية فرضيتها جمع عمر بن الخطاب الناس عليها وقال: نعم البدعة هذه؟
وكذلك ما ذهب إليه كثير من فقهاء السلف والخلف من إسقاط المؤلفة قلوبهم من سهم الزكاة مع أن الآية بظاهرها قد جعلت لهم نصيباً مفروضاً منها؛ قال تعالى (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم) الآية ٦٠ من سورة التوبة، وقالوا إن إعطاءهم هذا السهم إنما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والإسلام إذ ذاك في قلة وضعف. وقد زال ذلك بظهور الإسلام وإعزازه واستغنائه عن تأليف القلوب لدخولها فيه