للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سمبر ايدم عن وفاة البحار

أطلق الناس على الدكتور (بكتل) اسم الجزار. أما زملاءه فكانوا يعتقدون أنه لم يقبض على مبضع الجراح رجل أجراً ولا أكفأ منه. لم يكن رجلاً خيالياً ولا عاطفياً، بل كانت طبيعته علمية مضبوطة وصادقة. لم يكن الرجال في عرفه سوى ودائع لا شخصية لها ولا قيمة، إلا أن أمره كان يختلف في الحالات الغريبة، فكلما كان الرجل محطماً، وكلما قل الأمل في شفائه زادت أهميته في عيني الدكتور بكتل، فهو يتخلى عن شاعر الملك إذا كانت حادثته عادية ليعني بأمر متشرد تحدى جميع قوانين الحياة ورفض أن يموت

وهكذا كانت الحال في حالة سمبر ايدم. لم تجذب الدكتور بكتل غرابة أطوار سمبر ايدم ولا صمته، ولم يحاول إزاحة الستار عن مأساة غرابه كما حاول الصحافيون إثارة الناس دون جدوى في صحف الأحد. لم يثر شيء من هذا اهتمام الدكتور بكتل، وإنما أثار اهتمامه أن رقبة سمبر ايدم قطعت، وفي هذه النقطة وحدها تركزت كل لذته، فقد قطعت من الأذن إلى الأذن، وما كان جراح واحد من ألف ليرى بارقة أمل في شفائه، ولكنه بفضل عربات الإسعاف السريعة وبفضل الدكتور بكتل عاد مرة أخرى إلى الحياة التي حاول أن يتركها

وعندما عرضت الحالة على مساعدي الجراح بكتل هزوا رؤوسهم وقالوا محال، فقد أصيبت الحنجرة والقصبة الهوائية والعنق بأضرار بالغة فضلاً عن كمية الدماء الكبيرة التي نزفت. وبناء على هذه النتيجة جرب الجراح بكتل عدة وسائل، وأجرى عدة عمليات جعلت زملاءه برغم تضلعهم في الفن يقفون مشدوهين وأكثر من هذا أن الرجل شفى

وهكذا مر اليوم في المستشفى بسلام دون أن يسوده الاضطراب والذعر نتيجة لتقرير كبير الممرضين. فقد كان من الأمور السارة أن يغادره في ذلك اليوم سمبر ايدم صحيحاً معافى، بل إن جثة الطفل الذي صدمه الترام فعجنتها لم تؤثر على المرح السائد ولم ترسل موجه الأسف العادية

وأثارت قضية سمبر ايدم إعجاب كثيرين، وأثارت كثيراً من اللغط؛ فقد وجد في أحد منازل الإحسان مقطوع الرقبة والدم ينزف منها فتساقطت نقطة على الغرفة السفلي فدب الذعر في صفوف سكانها؛ وكان من الواضح أنه فعل فعلته وهو واقف ورأسه منحنِ إلى الأمام

<<  <  ج:
ص:  >  >>