يريد أن يحكم أو لنائب يريد أن يُنتخب، وأن الإنسانية في رأينا معنى لا يفهم إلا في عمل تحته شهرة أو وراءه لقب، أدركت السبب في وقوف بني قارون من المنكوبين موقف تماثيل المسرح من المأساة!
إذن لم يبق للمهاجرين إلا أكواخ الفقراء، وعتبات الأولياء، وهبات الحكومة. فأما مواساة الفقراء لهم فحق وأما معونة الحكومة إياهم فيقين، وأما ضيافة الأولياء فبقيت كضيافة الأغنياء موضع الشك!
كتب إلينا مهاجر أديب بطنطا يقول:(أيأسني الأمراء والأغنياء من رزق الله، فلجأت بعيالي إلى مقام سيدي أحمد البدوي في الغربية، فلم ألق منه ما لقي اللاجئون إلى مزارع جناكليس في البحيرة، فهل التوسل بالأولياء عبث، والالتجاء إليهم في الخطوب باطل؟. . .)
أنا يا سيدي المهاجر أعلم الدين، والحمد لله، علم الفقيه المجتهد، ولكني لا أزعم لنفسي درجة الإفتاء، على أن بين يدي الآن شيئاً يشبه الفتوى صدر عن أحد مفتي الديار المصرية في عهد مضى، أقدمه إليك لعل فيه بعض الغناء، في موضوع هذا الاستفتاء!
وقع في نفس المفتي أن شيخ الأزهر إذ ذاك سمى هو وحزبه بين الخديو وبينه حتى أفسدوا حاله عنده، فاستعدى عليهم سيدي أحمد البدوي بقصيدة رفعها إلى مقصورته الشريفة، بعد أن قدم لها هذه المقدمة الطريفة. ودونك المقدمة والقصيدة:(التجاء واستنجاد، برجل الفتوة طويل النجاد، وإمام الأولياء، وسراج الأصفياء، الغوث الأوحد، سيدي وولي نعمتي البدوي أحمد، دامت إمداداته، وعمت في الدارين بركاته
آمين آمين لا أَرضي بواحدةٍ ... حتى أضم إليها ألف آمينا)
أيرضيك يا غَوث الورى وإمامهم ... غَبينة أهل الحق والحق ظاهر
تعدى لئيم القوم واشتد بغيه ... وجاء بكل الحقد وهو يجاهر
أتى بالمعاصي مُعْلناً وهو يدعي ... مكانة دين قيم، وهو فاجر
وساعده حزب على شكله سعوا ... بكل فساد أوضحته الكبائر
فَضّلوا جميعاً عن طريق رشادنا ... وأزهرنا منهم غَدا وهو صاغر
فجئنا حماكم نرفع الأمر سيدي ... ونطلب دينَ الله والله ناصِر