إلى أن يقول:
فصددت عنها إذنبابي معشري ... وبغى علي من الأراذل معشر
من كل ملتحف بما يصم الفتى ... يؤذي فيظلم أو يخون ويغدر
فنفضت منه يدي مخافة كيده ... إن الكريم على الأذى لا يصبر
ثم يكتب من أصبهان إلى بعض أصدقائه بمدينة السلام يعرب عن حنينه إليها:
تحن إلى ماء الصراة ركائبي ... وصحبي بشطي زنَّروذ حلول
أشواقا وأجوازُ المهامه بيننا ... يطيح وجيف دونها وذميل
ألا ليت شعري هل أراني بغبطة ... أبيت على أرجائها وأقيل
هواء كأيام الهوى لا يغبَّه ... نسيم كلحظ الغانيات عليل
إلى أن يقول:
فقل لأخلائي ببغداد هل بكم ... سُلوّ فعندي رنة وعويل
يرنحني ذكراكم فكأنما ... تميل بي الصهباء حيث أميل
لئن قصُرت أيام أنسى بقربكم ... فلَيلى على نأي المزار طويل
- ٥ -
ويبين في شعر الأبيوردي اعتداده بنفسه واعتزازه بنسبه، وإباؤه وكبرياؤه وعفته، مع طموحه وبعد آماله. وقد قال عنه ابن منده الذي ذكرناه آنفاً: (وكان فيه تيه وكبر وعزة نفس. وكان إذا صلى يقول: اللهم ملكني مشارق الأرض ومغاربها) أقول وهي دعوة عجيبة لا أحسب صاحبها يقنع بملك بني أمية الذي امتد من السند إلى المحيط وجبال البرانس
وفخر الأبيوردي بعربيته وأمويته يلقاه قارئ الديوان تصريحاً وكناية في مواضع كثيرة يقول:
أنا ابن الأكرمين أباً وأماً ... وهم خير الورى عماً وخالاً
إلى أن يقول:
وهم فتحوا البلاد بباترات ... كأن على أغرنَّها نمالا
ولولاهم لما درت بفَيء ... ولا أرعى بها العرب الفصالا
وقد علم القبائل أن قومي ... أعزهم وأكرمهم فعالا