ينافسني فيها رعاع تهادنوا ... على دَخن ما بين راض وساخط
وأنكرت الأقلام منهم أناملاً ... مهيأة أطرافها للمشارط
لئن قدمتهم عصبة خانها النهي ... فهل ساقط لم يحظ يوماً بلاقط؟
وأي فتى ما بين بُرْدى قابض ... عن الشر كفيه وللخير باسط
وينبئنا الديوان بما كان بينه وبين الخلفاء العباسيين من مودة، فله مدائح كثيرة في الخليفتين المقتدي والمستظهر يشيد فيها بمجد العباسيين، ويبالغ في مدحهم، ويذكر قرابته إليهم، يقول في مدح المقتدي:
أسير وأسرى للمعالي وما بها ... لطالبها إلا لديك لحوق
وقد ولدتني عصبة ضم جدهم ... وجد بي ساقي الحجيج عروق
ونجده في قصيدة يطلب من المستظهر داراً تقيه برد الشتاء يقول:
فهذه شتوة ألقت كلاكلها ... حتى استبد بصفو العيشة الكدر
ومنزلي أبلت الأيام جدَّته ... فشفني المبليان الهم والسهر
وللفؤاد وجيب في جوانبه ... كما يهز الجناح الطائر الحذِر
تحكي عناق محب من يَهيم به ... إذا تعانقن في أرجائه الجدُر
ولن تقيم به نفس فتألفه ... إذ ليس للعين في أقطاره سفر
والسقف يبكي بأجفان المشوق إذا ... أرسي به هَزِمُ الأطباء منهمر
وما سرى البرق والظلماء عاكفة ... إلا وفي القلب من نيرانه شرر
وابن المعاويّ يهوى أن يكون له ... مغنى ببغداد لا تخشى به الغِيِر
مثوى يدافع عن كتبي - وأكثرها ... فيه مديحك - أن يغتالها المطر
كذلك نعرف من الديوان أنه فارق العراق كارهاً، وأن جماعة هنالك منهم وزير للخليفة قد أساءوا إليه. فلما أرسل إليه الخليفة يعاتبه على مفارقة بغداد أجاب بقصيدة فيها هذه الأبيات:
بغداد أيتها المطى فواصلي ... عَنَقاً تئن له القلاص الضمّر
إني وحق المستجَن بطَيبة ... كلف بها، وإلى ذَراها أصوَر
وكأنني مما تسوّله المنى، ... والدار نازحة، إليها أنظر