الدولة وحدها. فهي التي تكفل سريان نواميس العمران، وتضمن تنسيق نشاط الأفراد بحيث لا يعتدي نشاط أحدهم أو رزقه على نشاط الآخر أو رزقه. ويمكن أن نشبّه مهمة الدولة في هذا الصدد بمهمة (البوليس الاجتماعي)!! وتقصير الدولة في تأدية هذه المهمة جريمة لا تغتفر؛ جريمة خالدة لا ينساها الجيل الحاضر ولا الأجيال القادمة التي نترك لها تركة مثقلة بأكثر من نصيبها من عبء العمران والحضارة!
وسوء التنظيم الاجتماعي الذي يتمخض عنه الفقر له صور متعددة؛ فللفقر أسباب علمية أدلى بها علماء الاجتماع على مر العصور
فإلى ما قُبل القرن التاسع عشر أيام كانت الأمم تعتمد في معاشها على الزراعة وحدها جهر (مالتوس) بنظريته المشهورة في السكان، منذراً بقرب وقوع مجاعة عالمية، لأن زيادة السكان أسرع من زيادة الثروة الزراعية. أي أن الأرض سوف لا تكفي غلتها جميع سكانها
وقد فقدت هذه النظرية قيمتها في القرن التاسع عشر عند ما تقدمت الصناعة، وتغلب الإنسان على كثير من عقبات الطبيعة مما أدى إلى استنباط موارد جمة للرزق
على أن الفقر ظل مع ذلك طابع الحياة الاجتماعية الرئيسي في معظم الأمم - ولو إلى حد ما - مما أدى إلى ثورات فكرية لا نهاية لها. وقد وضع له علماء الاجتماع نوعين رئيسيين من الأسباب:
أولاً: الأسباب الشخصية:
أي الأسباب التي تتعلق بشخص بعينه، وسواء أكان في مكنته التغلب عليها أم لم يكن، وهي:
وقيل: إن هذه الأسباب تعادل ٣٠ % من جملة أسباب الفقر
ثانياً: الأسباب الخارجية:
أي الأسباب العامة التي تخرج عن طوق الشخص وإرادته المحدودة، وهي:
(زيادة السكان بنسبة أكبر من زيادة الثروة الرئيسية في البلاد، البطالة العامة بسبب زيادة الإنتاج على الاستهلاك، عدم استغلال الموارد الطبيعية، انحطاط المستوى الفكري للشعب،