للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولست بناقل إليك تتمة حديث صديقنا الزيات عن النقد والنقاد، لأني اعرف أنك لا ترضى مثلي عن الليونة وما تحتها من معان تشل الروح الأدبي ولا تسمو به إلى الأوج

ولا أخالك إلا معتقداً مثلي بأن مجابهة التيارات الأدبية واقتحامها خير من مجاراتها والتحايل عليها، ولكن. . .

أجل، ولكن العبرة بالنشر والناشر، لا بالتمرد والثورة!

حبيب الزحلاوي

من جديد

من التعبيرات التي ترسبت حديثاً إلى لغتنا، فتداولها الكتاب من غير تمحيص، ولا وزْن لصحتها اللغوية، ولا لصلاحيتها لأن تندمج في الأساليب الفصيحة وتغدو جزءاً منها

ولم تكن هذه العبارة شائعة بيننا قبل نحو عشر سنين، على ما اذكر؛ وكنت أراها أولاً في بعض القصص والمجلات والجرائد. ثم سرت في أحاديث الناس واستظرفوها وتملحوا بها

وما كنت قط أتوهم أن تصل يوماً إلى أقلام البلغاء، حتى رأيتها في قصيدة لشاعر معاصر من شعرائنا البارزين الذين يحتفلون في جزالة الأسلوب أيما احتفال، وحتى استعملها العلامة الدكتور زكي مبارك في مقاله في العدد ٤١٧ من (الرسالة)، حيث قال: (. . . مع فارق بسيط هو أن الدكتور أشار إلى المصدر الذي نقل عنه، وأن الأستاذ. . . لم ير موجباَ لذلك، فدلنا (من جديد) على حسن هضمه لما يقرأ من آراء الباحثين)

ولقد جهدت في أن أخرِّج هذا التركيب - في مختلف أوضاعه - تخريجاً سائغاً، فلم أوفق. ذلك أن (جديد) ملحوظ فيها أن تكون صفة موصوف محذوف. فما هو هذا الموصوف؟ قد يكون التقدير - في عبارة الدكتور -: (من وقت جديد)، أو (من شيء جديد)، أو (من أمر جديد) مثلاً. ولكن كيفما قدرنا هذا الموصوف ألفينا الكلام - كما ترى - غثاً لا معنى له

والواقع أن هذا التعبير ترجمة الكلمة الإنجليزية أو - على ما أعلم - ترجمها من لا يتحرون الصحة، أو من ليس لهم من علمهم ما به يتحرونها. فاقتبسه الناس وأغرموا به - كغيره من التراكيب الإفرنجية الكثيرة التي شوهتها الترجمة السقيمة - على غير رؤية أو إنعام نظر

<<  <  ج:
ص:  >  >>