للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الميادين وأذاقوهم الاستهانة بأقدار الشعوب

وفي دنيا المعارك القلمية مذهب دميم هو مذهب (الحياد الأدبي) ولهذا الحياد عواقب سود، لأنه قد ينتهي بأهل الفكر والرأي إلى إيثار السلامة من أراجيف العوام وأشباه الخواص، وإذا آثر المصلح السلامة فعلى الإصلاح العفاء

أقول هذا مناسبة خطاب وصل من أعالي النيل بقلم الأديب إبراهيم محمد إبراهيم، وهو يراني أحجمت عن المضي في شرح أسباب الفقر، مع أن الفقر علة تستحق الدرس والتشريح، وتستوجب التفاف جميع الأطباء

وأجيب بأن الذي يصدني هو (الحياد الأدبي) حياد الأدباء الذين يرون ما أراه في مشكلة الفقر والفقراء، ثم يعتصمون بالسكوت، طلباً للسلامة من أوضار التزيد والافتراء

أستطيع أن أسمي عشرين رجلاً من أصحاب المواهب، وقد هنئوني على القول بالمسئولية الفردية قبل المسئولية الاجتماعية، ومع ذلك لم يتقدم منهم رجل واحد بمقال يشعر الجمهور بأن الرأي الذي أعلنته يصلح للأخذ والرد، ويستحق عناية أهل الرأي والبيان

وفي مقابل ذلك وقف أنصار (الرياء الاجتماعي) متعاونين متساندين ليقولوا فيَّ ما يشاءون على صفحات بعض الجرائد والمجلات، حتى صح للأستاذ صالح جودت أن يتوجع لمصاير أهل الرأي في هذه البلاد

أنا أنظر فأرى أعدائي يزدادون من يوم إلى يوم، الأعداء المجاهرين، أما العداء المكاتمون، فهم أهل للصفح والغفران ولكن أين أنصاري؟

أنصاري هم قرائي، لا زملائي، وآه ثم آه من تخاذل الزملاء!

وأولئك القراء هم الجيش الذي نعتمد عليه بعد الله في نصر قضية الرأي الحر والقول الصريح، ولن يستطيع أحد أن يفسد ما بيني وبين قرائي، لأني اللسان الناطق بما يشتجر في صدورهم من أراء وأهواء، ولأنهم يؤمنون بأن الأدب لن يرتفع إلا إذا تحرر أهله من أغلال الأوهام والأضاليل

وما الموجب للرياء، وما ظفر المراءون بغير الخيبة والإخفاق؟

وما قيمة الدنيا حتى نطلب نعيمها بالتزلف إلى أبنائها الفانين؟

آداب بعض الوعاظ

<<  <  ج:
ص:  >  >>