فجعت مصر منذ أعوام بوفاة رجل من أصحاب المروءات، هو الشيخ عبد ربه مفتاح، وكان شيخ الوعاظ، وإليه يرجع الفضل في تنظيم الوعظ الديني بالأقاليم، وكان له في ثورة سنة ١٩١٩ مجال
فماذا خلف هذا الرجل من الآراء؟
الجواب عند الذين دربهم على الوعظ والإرشاد، ولكني أذكر رأيا واحداً يصور حصافته العقلية، فقد كان يرى أن ينتفع الأزهر بمواهب المثقفين المتهمين برقة الدين، لأنه كان يعرف أن التهمة بالإلحاد لا تقوم في أغلب الأحوال على أساس، وإنما تكون فرية يذيعها أصحاب الأغراض، أو تأويلاً خاطئاً لكلام يحتمل التأويل، وكان من حججه أن الأزهر حين ينتفع بمواهب أولئك المثقفين قد يغرس فيهم الجاذبية الدينية، على فرض انهم ينفرون من الدين، أو يحولهم إلى أصدقاء يصعب عليهم التحامل على الأزهر الشريف
والحق أن الأزهريين الشبان يتمنون أن يرفع الحجاب المسدول بينهم وبين أقطاب الفكر الحديث، ليروا دنيا العقل في ثوبها الجديد، وليصح القول بأنهم عرفوا ما عند أشهر المثقفين من مذاهب وآراء
وهنا فكاهة مؤذية ولكنها طريفة: فقد اقترح فريق من طلبة كلية اللغة على فضيلة الأستاذ الشيخ المراغي أن يقوي كليتهم بأصحاب المواهب، ولو كانوا في جموح زكي مبارك وشطط طه حسين!!
أنا والدكتور طه من أصحاب المواهب، بشهادة كلية اللغة العربية؟
هو ذلك، فما يرفض الكرامة إلا لئيم!
أما القول بأننا من أهل الشطط والجموح فهو قول مردود فما عرفوا عنا فيما قرءوا وما سمعوا غير القول بحرية العقل وقدسية الدين
فجيعة لم يستعد لحملها القلب
هي فجيعتي في الشيخ (عبد الوهاب النجار)، أستاذي وصاحب الفضل علي في كثير من