- جميل هذا، ولكني أعتقد أن مظهر التعليل أهم مظاهر الفكر التي يقع بينها التفاوت، بل إني لأعتقد كل الاعتقاد أن للتعليل الخطر الأكبر في كل ما تقوم عليه الحياة الفكرية والعلمية، يظهر أثره في الشروع في العمل وفي حالة القيام به، ويبدو واضحاً فيما تتكشف عنه النتيجة. . .
ففي استطاعة كل إنسان أن يشعر بوجود ما يثير التفكير من موضوعات معنوية أو مادية، خاصة أو عامة، طبيعية أو غير طبيعية، ذلك لأن جوهر العقل المدرك مشترك في المجموع.
ولكن التفاوت قد يقع، بل لا بد أن يقع فيما وراء مرحلة الإدراك من تصرفات فكرية، كشعور الإنسان بإحساس خاص نحو موضوع اعتراضه، أو رغبته القائمة على هذا الشعور في سلوك مسلك خاص نحو هذا الموضوع؛ وكما وقع الاختلاف في مرحلة الإحساس الخاص والسلوك الخاص يحدث في القدرة على التعليل لأن هذه المرحلة تصل معاني الإحساس الخاص والسلوك الخاص يحدث في القدرة على التعليل لأن هذه المرحلة تصل معاني الإحساس بمعاني ووسائل السلوك
- حسن هذا يا بني، وجميل أن نتأمل (التعليل) تأملا أوسع نطاقاُ، ونحاول أن نستشف أسراره. . . عرفنا سر اختلافه فما هي صوره؟ وإلى أي مدى تتأثر الحياة بتلك الصور؟ ورأى مظهر من مظاهره أجدى على المجتمع؟
التعليل نوعان: تعليل روحي وتعليل عملي. أما الروحي، فهو وليد الفكر، يسير على ضوء أقباسه وتكون نتائجه صوراً فكرية أساسها التصور والتخيل؛ والعملي وهو في حقيقته صورة لتعليل روحي انطلقت من قيود التخيل والتصور ووجدت الوسيلة القادرة لتتجسد بالعمل أو بالقياس، ووسيلة الإتقان في العمل والصدق في القياس هي التجربة
- وعندي يا والدي أن التعليل الروحي قيد من قيود الشخصية! لأنه مختلف متفاوت، ومن اختلافه وتفاوته تتميز الشخصيات
فهذا رجل قاتم الروح، تخرج نظراته إلى الأشياء من ألوانها القاتمة، فما من فكرة له وعمل إلا وفيه صورة من صورها، وإنه لسالك السبيل حتى يصبح سمة يعرف بها ولون تتكون