للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الناس في شرقنا اصطلحوا في شئون النقد على المصانعة والرياء، وأمعنوا في التحيز والمداراة، فلا نقد عندنا يمحص الحقائق، ولا مساجلات تؤرث الأفكار والآراء

من أجل ذلك غاب عنا النقد الحر الصريح، ولم يتزحزح أدبنا عن التقليد والترديد إلا قليلاً. وأحسب أن نقادنا الأكفاء الذين كفوا أقلامهم عن الخوض في هذا السبيل إيثاراُ للمودة والسلامة قد أساءوا شر مساءة، فلولا صمتهم وزهادتهم في النقد لما تجرأ الأدعياء والطفيليون على كبار الأدباء لينهشوا الأشخاص دون الآثار وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، وأن إسفافهم هذا من أصول النقد الحديث

إننا قوم لم نتعود أن نحق الحق ونزهق الباطل، وإنما درجنا على أن نماري مراءً ظاهراً. وكثيراً ما جَّر نقد الأدب في كل بلاد العرب إلى خصومة وتنابذ فرَّقا بين الأصحاب وأوغرا الصدور بالأحقاد. ولقد كان بيني وبين شاعرة مصرية معاصرة آصرة أدب وولاء، فلما نقدت ديوانها إجابة لسؤلها، قطعت عني رسائلها اللطاف، فأسفت لما وقع، ولكن قلمي يؤوب ولا يتوب

ما لي ولهذا الاسترسال في قول كاد يلهبني عن (ذكرى قاص عراقي) كانت له مشاركة في توجيه الأدب الحديث في العراق. وأنا بعد أن كادت ترم تجاليد هذا القاص في ثراها، ووالله ما ادري، أعلى ضفاف النيل حيث ذهب يستطب ويستشفى، أم على ضفاف دجلة وفي ظلال النخيل حيث رأى النور، أبعث ذكراه وادعوا أهله وقومه إلى تمجيده وتخليده، والكشف عما في آثاره من جوهر دفين؟

كان يرحمه الله يرى كتابيه: (الطلائع)، (جلال خالد) تجربة ضئيلة في مضمار الأدب الجديد في بلاده، بل محاولات أولى في فن القصة الذي كان يتمنى على الزمان أن يقيض له التفرغ لأصوله والبراعة فيه. وقد أهدى مؤلفيه إلى فتية في العراق، إلى أشباله الأباة الذين كان يرى في وثباتهم تحقيق الآمال.

أما رواياته وأقاصيصه فقد لقيت الثناء والتقدير من أدباء العرب كالأستاذة: أحمد حسن الزيات وأحمد أمين ومحمود تيمور وسامي الكيالي، وغيرهم؛ ومن بعض المستشرقين أمثال: كراتشكوفسكي وب. جوزي وهـ. ركب ور. ك طومسن صاحب مجلة العراق في أكسفورد، وكنت من أصدق قرائه وأصحابه إعجاباً بها وتنويهاً بطرافتها وروعتها

<<  <  ج:
ص:  >  >>