إلى إخراجنا منها. لكننا فرنسيون فلا نهزم بسهولة. والإنكليز يظلموننا حين يرون أن إظهارنا للعواطف التي يستطيعون كتمانها يدل على إننا ضعفاء.
بعد قليل أفاق المسيو أوتو وقال:(ترى يا مسيو ألفونس أن هذا الإنكليزي وليم بت سيضحك مني عندما أطلب إليه توقيع المعاهدة). فخطر ببالي خاطر فجأني وقلت:(تشجع! كيف نجزم بان الإنكليز وصل إليهم هذا الخبر؟ ربما استطعنا الحصول على توقيعهم على المعاهدة قبل أن يعلموا بهذا الخبر)
فقفز المسيو أوتو من مكانه ومد نحوي ذراعيه وعانقني وقال:(لقد أنقذتني يا مسيو ألفونس! إن الخبر وصل إلى باريس عن طريق طولون، وسيصل متأخراً إلى إنكلترا عن طريق جبل طارق؛ فإذا نحن احتفظنا بالسر أمكننا الحصول على توقيعهم على المعاهدة
ولست أستطيع أن اصف حالتنا في اليوم التالي؛ فقد كانت ساعاته تمر بطيئة، حتى لقد انتقل المسيو أوتو من الشباب إلى الشيخوخة في ذلك اليوم. ولم أطق الصبر على الانتظار، فخرجت من المنزل مرتاداً كل طريق مقتحماً كل مكان. ولكنني لم اسمع أي خبر. ولما جاءت الساعة الثامنة وهي موعد توقيع المعاهدة اقترحت على المسيو أوتو أن يشرب زجاجة من الخمر قبل أن يذهب، لأني خشيت أن يستدل الإنكليز على الحقيقة من اصفرار وجهه واضطراب يده. ثم ركبت معه عربة من عربات السفارة، وكانت الخمر قد أنعشت قواه، فلما وصلنا إلى باب وزارة الخارجية بقيت في العربة ونزل وقلت له: (إذا تم التوقيع فاعطني إشارة. والى ذلك الحين سأمنع وصول أية رسالة إلى الوزير الإنكليزي)، فصافحني ووعدني بأن يدني شمعة من النافذة حتى أراها من الطريق، ثم تركت العربة تعود ووقفت قرب الوزارة فرأيت العربات مقبلة، وقلت في نفسي: لو جاء رسول من رئيس الوزارة إلى وزير الخارجية فإني أمنعه ولو بقتله، فان آلافاً من الجنود قد ماتت لتكسب مجد الحرب. وماذا إن شنقت وانتصرت بلادي. . .؟
ثم خطر ببالي خاطر فدعوت حوذياً وأعطيته جنيهاً وقلت له:(إذا ركبت عربتك مع أي إنسان فلا تتلق الأوامر منه بل مني، وأنزلني في شارع هاري ولا تترك الذي معي إلا في نادي ويتر في بروتون، وسأعطيك جنيهاً أخر)
فوافق الحوذي. وبعد دقائق جاء رسول وهم بدخول الوزارة فأمسكت بذراعه وقلت: (هل