ذلك ما صنعت به وزارة المعارف أو وزارة الداخلية لا أدري؛ أما وزارة الشؤون الاجتماعية فلا تزال في ظلام الحيرة تتحسس بيديها المعوقتين طريق الإصلاح. ولقد دللناها في بضع مقالات كتبناها، على طريق الاستفادة من المعلم الإلزامي في محاربة الجهالة، فأبت إلا أن تحارب الأمية بنفسها فأصدرت مجل، وأن تصلح فساد المجتمع برأيها فحشدت الأطفال المتشردين في مزارع (السرو) الأميرية، ثم سلطت عليهم قسوة الجند وشدة النظام فاستفحل في نفوسهم الشر، وعصف في رؤوسهم التمرد، وتسللوا لواذاً في البلاد، حتى لم يبق من الأطفال الأربعمائة إلا أربعون يكلفون الحكومة من الجهد والنفقة مالا رادّة فيه ولا عوض منه.
كنا نود أن نجيل رأي في مشكلة التعليم الإلزامي ليستضيء أولو الأمر بخبرة المحنكين من الكتاب، ولكنا نعتقد أن الرأي في هذا الموضوع لا يصيب إلا إذا كان التعليم في مختلف درجاته وغاياته سياسة واضحة تنفذ، ونظام مستقر يتَّبع. فبحسبنا اليوم أن تعطف وزارة المعارف على هؤلاء الجنود المجهولين الذين عملوا وأحسنوا؛ وإنهم ليستطيعون أن يزيدونا عملاً وإحساناً، إذا أولاهم معالي الوزير جزاء وشكراناً.