فما شكواكِ من ظلماَء طالت ... وتلك جناية المجِد اللباب؟
عروسَ البحر، يا مهوى فتوني ... ويا مَغْنى أمانيَّ العِذَاب
عُقلتُ بأرضك العزَّاء عاماً ... فكان أعز عام في شبابي
دخلتُك عانياً في أسر ليل ... أصمِّ القلب زنجيِّ الإهاب
فأقبلَ نورك الروحيْ يسرِي ... إلى أرواحنا من كلِّ باب
رأى العقْالُ أن نحيا أسارى ... حياةَ السيف في سُدَف القِراب
فلا ندري لوجه البحر لوناً ... سوى الموهومِ من لمع السراب
ولا نقْتات من زاد الأماني ... سوى المظنون من يوم المآب
فهل سمعَ الشقيّ بما أفاَءتْ ... علينا إسكندرية من ثواب؟
هَديرُ البحر كان يعجّ عمداً ... ليطربنا على بُعْد المثاب
وحَب الرمل صار لنا مهاداً ... مُطرَّزة بأزهارِ الروابي
فأمسى الاعتقال على اجتواه ... رخيَّ القيد مأنوس الرِّحاب
عروس البحر، حدَّتني شهودٌ ... بأن الشط صارَ إلى تباب
فلا غيْداءُ تخطرُ في حِماهُ ... كرقص البدر من خلف السحاب
ولا صَبٌّ خَتُورُ العهد يمشي ... على جَنباته مَشْىَ الحُباب
ولا صهبْاء يحْسُوها بنوهُ ... وقد قُبستْ من الذهب المذاب
إذا طافتْ بهم هاموا فخفُّوا ... لَمِقبول المجانة والدِّعاب
وأَمْسواْ والكواِكب في عُلاها ... لهم أسلابُ فتكٍ وانتهاب
سُلافٌ صانها (باكوسُ) عما ... يشوبُ الراحَ من إثمِ وعاب
ألمْ يثقل على حُكماءِ قومي ... وقد عاقَرتها وِزْرُ اغتيابي؟
أمير الشطِّ كنتُ فأين عهدي ... يرْعى الحسن في الشطِّ العُجاب
وأينَ رِمَالهُ مني وكانتْ ... مناسِكَ صَبْوتي في كلِّ (آب)
إليها كان حَجِّي واعتماري ... وفيها كان خَتْلي وآْختِلابي
فكيف أَذوقُ للصبَّوات طعماً ... وعن عَرَفاتها طال احتجابي؟
ندامَي البحرِ، سوف أعود يوماً ... لأُطفئ ما بقلبي من لؤاب