نشيدي في التصوف كان لحناً ... نقلتُ صداه عن قصف العباب
سوايَ يرى الوجود إن اجتلاه ... سطوراً ثاوِياتِ في كتاب
ويجْلوه لوِجْدَاني ورُوحِي ... إذا ما شئتُ إظلالُ السحاب
وهل كانت حياة الناس إلا ... قلائد صاغها رَبُّ الرَّباب
عشقتُ البحرَ والصحراَء عشقاً ... بهِ طال اندفاعي وانجذابي
أُطِلْ على الفضاء فتزْدَهيني ... رِحابٌ غارقاتٌ في رِحاب
وأنظُر للوجودِ فلا أراهُ ... سوى خمر تعاقَر أو رُضاب
إخلائي هناكَ، حدِّثوني ... حديث (الثغر) وانتظروا إيابي
أَفوقَ رُبوعه غامتْ سماءٌ ... مؤَججةٌ بأقباسِ اللهُّاب
وما القومُ الذين عَدَوْا عليه ... كعدوان الذباب على الشراب؟
أكانوا جِنَّة صُمَّا فعاثوا ... به عَيْثَ الأراقم بالوِطاب
أكان (النسر) في التحليق أدْنى ... إلى الإسفاف من ذاك (الغراب)؟
وما الألمانُ إلا قومُ بَغْيٍ ... أثيمِ الجِدْ مذمومِ القِطاب
نِطاحٌ كله سفهٌ ولؤْمٌ ... ولو كَرِه المصانِع والمحابي
أحقٌ أن نادى (الثغر) أقوى ... وأقفر من أحاديث الصحاب؟
فلا (النشارُ) يسأل غير صاحٍ ... ولا (شيبوب) يحلم بالجواب؟
(وأبو شادي) أفاقَ، فَمن بَشيري ... برَجْعِ الأمْنِ للثغر المَهاب
وكيف يَعيشُ روُحٌ كان أُنسىَ ... وإنْ ألِفَ اْللجاجةَ في الغِضاب؟
أُكاتِمُ حبهُ قلبي وأَمضي ... فأُعلنُ بُغضه عند العتاب
هو الدنيا: وقد جُنتْ فصاغت ... رحيقَ هواه من شهد وصاب
بأهل إسكندرية بعضُ ما بي ... من الأحزان للثغر المُصاب
سمعتُ حديثَ نكبتهم فأمسى ... فؤادي في انصداعٍ وانشعاب
ملائك من أديم الخلد صيغوا ... لِيوْم الوْجِد أو يوم الغلاب
أعزّ البحرُ أنفسهم فعزوا ... فهم قوم اعتلاء واصطخاب
هُمُ الحراسُ للوطن المفدّى ... من العادينَ أشباه القُلاب