كذاك العيشُ بؤس بعد لين ... وشهدٌ يستقي من بعد صاب
ومن عشق السلافة في صفاها ... أحب لحبها رنق الصُّباب
عروسَ البحر، نسرف إن رأينا ... حياتك في المزاح وفي اِّللعاب
وكيف وفي معاهدك الخوالي ... تسابقت العقول إلى الوثاب؟
بكل محلة وبكل أرض ... مآثر منكِ طيبة النصاب
وما روما وأثينا إذا ما ... تبارى الفاخرون بالانتساب؟
منار العقل كنت بلا امتراء ... ونار القلب كنت بلا ارتياب
بكى التاريخ من عهد لعهد ... مصاب العلم في (دار الكتاب)
فهل كانت بدائعها لقوم ... أجانب عن مرابعك الرحابِ؟
بَناِك أسكندَرٌ فيما بَناهُ ... كذلك قِيلَ رَجماً بالمغاِب
ولو أَصغى أُلو الألباب يوماً ... لَهِمس الوحي في تلك الرَّوابي
لآمَنَ فِتيةٌ منهم برأْي ... يَخالُك صادقاً (بِكر العُباب)
وهل (فِينوسُ) عندَ مُرِّبيها ... سوى (راقودَ) في أحلام (حابي)؟
لِ (كيمي) أنت يا دار التنادي ... إلى الهيجاءِ أو دارَ التصابي
لِ (كيِمي) أنت من أيام نوح ... توارثك أينم عن خير آب
مَضى عهدُ القياصر في انزعاج ... بأرضِ إسكندرية وانقلاب
بلادٌ لم تكن إلا مُجالاً ... لِمشبُوب الصِّيال والاحتراب
بجمّر الثورة الحمراءِ يُغذَى ... بَنوها لا بزاد أو شراب
وجاَء الفتحُ فانقادوا لقومٍ ... مساكنهم بصهوات العراب
هوَ الإسلامُ طَهّرهم فأضحواْ ... كماءِ المزْن في شُعَب اللِّصاب
فهل يَدري المؤرخُ كيف صاروا ... طلائعَ للجهادِ وللغلاِب؟
عليهمْ عول الإسلامُ فيما ... أرادَ من المغاربة الصِّلاب
فأموا الغربَ يحرسهم تقاهم ... وقد مشت الملائك في الركاب
وحلوا عادلين به كراماً ... حلول الغيث بالبقع الجداب
فلما أنْ هوت شمس المعالي ... بأندلسٍ ولاذتْ بالحجاب