طلائعً كان عْلمُكُم ليومٍ ... يهونُ بجنبهِ يومُ الحساب
ولم يكُ علمُنا إلا نظيراً ... لضوءِ الشمس يزهد في الثواب
أأنتمْ تُفتَنون بما ملكتمْ ... من العدد النذيرةِ بالخراب
ولا نُزهي بآراء صِحاح ... هي المنشود من فصل الخطاب
فإن تخْلد مآثِرنا وتسلم ... على التاريخ من شُبَه المعَاب
فذاك لأنها آثار قومٍ ... كرام الروح أطهارِ الإهاب
لنا الخلدُ الذي لن ترزقوهُ ... ولو أوتِيتمُ ملك السحاب
فخبُّوا في المطامع كف شئتمْ ... وخوضوا القاتمات من العقاب
ورُودوا الأرض في شرقٍ وغربِ ... بكبِر الليث أو زهوِ الغراب
وصولوا آثمين بنار حرْبٍ ... تحيلُ المزهرات إلى يَباب
فسوف تُروْنَ بعد مدىً قصيرٍ ... فرائسَ للمحاقِ وللذهاب
بأهل إسكندرية بعض ما بي ... من الأحزان للثغر المصاب
أَتِلكَ قيامةٌ قامتْ فدكّتْ ... حصون البأس من تلك الطوابي؟
فمن كهلٍ سديد الرأي يُمسي ... لوقعِ الهولِ مفقودَ الصواب
ومن رَشِأ تُصيِّرُهُ الرَّزايا ... وقِيذَ الشيب في شرخ الشباب
ومن عذراَء يلفظها حمِاها ... فنخرجُ للبلاءِ بلا نقاب
قوارع لم تقعْ إلا بأرضٍ ... يقارعُ أهلها وقدَ الحرابِ
فما آثامُ أهلِ (الثغر) حتى ... يُشنَّ عليهمُ ويلُ العذاب؟
مضت زُمرٌ إلى الأرياف منهم ... مُضى الأُسْد من غاب لغاب
فكيف استقبلوا - بعد ارتقاه - ... جشيبَ العيش في تلك الشعاب؟
أمِن بعد الحسايا ناعمات ... يكون بساطهم متن التراب؟
إلى جلواتهم في الصيف كانت ... تزفُّ أطايبُ الحسن اللُّباب
وفي داراتهم كان التنادي ... إلى الصبَّوات في الشط الرغاب
فكيف مضواْ حيارَى لم يثوبوا ... إلى زادٍ يعدُّ ولا ثياب؟
وكيف غدواْ بهذا الصيف صرعْى ... لمشئوم الشتاتِ والاغتراب؟