فهل نأخذ من هذا أن الدكتور يقر ذلك الاختلاف والتناقض في ثقافة الأمة وقوميتها وأصول اجتماعها وتعدد شرائعها وأزيائها، وغير هذا مما أجمع المتصدون للإصلاح الاجتماعي على أنه شر ما نكبت به البلاد من بلاء يجب دفعه والتخلص منه أم ماذا يريد؟
أما بعد، فإن من أبدَى صفحته للحق هلك، ولقد أراد الدكتور زكي مبارك أن يدفع عن نفسه ما حسبه من بعض الناس عدواناً عليه فلم يستطع هذا إلا بأن يتعدى هو على نفسه مرتين: مرة بمجافاته الحق، وأخرى بمحاولته النَّيل من جماعة كبيرة كريمة كعلماء الوعظ والإرشاد؛ وما منهم إلا يملك ما يملك الدكتور من قلم ولسان. فما أكثر في الناس من يسئ لنفسه حين يريد أن يحسن إليها، أكان ذلك دفاعاً عن نفسه، أم كان توريطاً لها في مأزق آخر تكون فيه أكثر ملامة وأثقل حملاً وأشد حاجة للدفاع؟ وهل صان الدكتور بذلك أنفه الذي قام حامياً له، أم حقق عليه المثل العربي الحكيم:(رب حام لأنفه وهو جادعة)؟
نسأل الله أن يجنبنا مزالق الأقلام، وفتنة اللسان والجنان، وأن يعصمنا من خطل الرأي وضلال الهوى، وأن يهدينا بفضله سواء السبيل.