للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لمطاردة التلاميذ والقبض عليهم وإحضارهم إلى المدارس. . . فمن استطاع أن يملأ فصله فهو في أمن من العقوبة؛ أما الذي تنهاه كرامته عن التعرض لأذى الفلاحين وعدوانهم فهو مغضوب عليه، وقد يعرضه هذا للفصل من الخدمة

ومن بواعث الأسى أن أحد مديري الدقهلية الأسبقين دخل عليه معلم إلزامي في مظهر أنيق وسمات وسيمة، يرفع إليه ظلامة من الظلامات، فظنه الباشا واحداً من الكبراء في البلد، فأكرمه واحتفى به، ولكنه عرف آخر الأمر أنه من الإلزاميين فشتمه وطرده، وأقسم أن يجرد جميع المعلمين من هذه الملابس التي يظهرون فيها بمظهر أهل النعمة؛ وبر الباشا بقسمه وساعده مفتشو المعارف اتقاء بطشه!

وصدرت الأوامر إلى جميع قوات البوليس والمباحث والخفر والعمد في البلاد بالتفتيش على المعلمين في المدارس والتبليغ عمن يوجد منهم غير متلبس بعمامة أو لابس قفطاناً. . .

ولم يكن للمفتشين من عمل في تلك الأيام إلا التفتيش على الجبب والقفاطين، لا على التربية والتعليم؛ وأصبح لبس العمامة عند الباشا من مؤهلات الترقية وزيادة المرتب، فلم يكن يرد لمعمم حاجة!

أقول هذا وأنا مشفق من أن أذكر كل ما أعرف، ولو شفيت نفسي بذكر الحقيقة المؤلمة، لأبكيت الناس وأضحكتهم، وأظهرت لهم أن التعليم الإلزامي إنما شقي بقادته وسادته، أولئك الذين يعيشون فيه وهم عنه غرباء، ويلقون المسئولية على المعلمين وهم منها أبرياء

(المنصورة)

علي عبد الله

<<  <  ج:
ص:  >  >>