للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولكن إذ اتحد الأوكسجين بالأيدروجين نتج الماء، وشتان بين خواص الماء وخواص كل من الأيدروجين والأوكسجين. وخذ مثالا آخر: الكلور غاز يعافه الانف، متلف، مهلك، سم زعاف، والصوديوم فلز نشيط قوي الفعل، ولو وضع الإنسان حبة منه في فمه لنسف حلقه نسفا، ولكن إذا اتحد الكلور بالصوديوم نتج جسم لطيف، يصلح المعدة، والدم، هو الملح الذي به نأتدم، وبدونه لا نستمرئ الطعام. فأصغر تعقيد كيميائي في تركيب المواد يحدث اكبر تغيير في خواصه، فلعل كل ظواهر الحياة، على غرابتها، ليست سوى خواص طبيعية وكيميائية للمركب المعقد المسمى بالبروتوبلاسم

هذا الرأي الكثرة من علماء البيولوجيا. وأصحاب هذا الرأي لا يرون البعث من الممكنات، وعندهم أن الرجل إذا مات، وتفككت ذرات جسمه، فصعد بعضها في الجو بهيئة غاز، ورسب الباقي في التربة بشكل ملح، وشتت الريح الغاز فيالقارات الخمس، وأسلمت التربة الملح إلى جذور النبات، فقد عاد الرجل كأن لم يكن، وبعثه من جديد رجع بعيد، وليس له روح إلا بقدر ما يكون للملح روح بعد تحليله إلى الكلور والصوديوم.

ومن زعماء هذا الرأي سر آرثر كيث، أستاذ البيولوجيا وعضو المجمع العلمي البريطاني، فهو يقول: -

(. . . إذا كنا نخلد فإنما نخلد في أبنائنا وذرارينا. . . قبل أن نتساءل عن كنه الحياة وإمكان استمرارها بعد الممات، يحسن أن نقول ما هو الموت. إذا وجد الطبيب قلب مريضه سكت، ولم يبق لتنفسه مد وجزر، قرر أن الموت حل بساحته. ولكن ليس هذا بصحيح، إذ لو هيأ الطبيب في الحال جهازاً يدفع دماً طازجا مشبعا بالأوكسجين في الأوعية الدموية لمخ الميت، لاستعاد هذا وعيه وذاكرته، وقدر على التفكير، ونطق بالكلام، وبقى كذلك ما بقى في عروق مخه دم صبيح. فإذا أوقف الدم عشر دقائق دخلت خلايا المخ في موت لا حياة بعده، ولكن خلايا القلب تظل حية، بحيث لو اقتطع وأحيط بوسائل خاصة عاد يدق كما كان يفعل بين ضلوع صاحبه، أما خلايا الشرايين فتعيش بعد الوفاة أربعين ساعة. الموت لا يحدث دفعة واحدة بل بالتدريج، وخلايا الجسم تموت فرادى كما يموت السكان في قرية جائعة - الضعيف يموت أولا والقوي يعيش بعده إلى حين. لو كان الموت كما يقول سر أليفر لدج هو خروج روح من الجسم لحدث دفعة لا بالتدريج. . . لا يستطيع

<<  <  ج:
ص:  >  >>