ثم أرجع إلى بيت القصيد فأقول: أن هذا المدرس أتعب نفسه بمناوشتي وهو يعتقد بأني لن أنشر خطابه في الرسالة ولن أرد عليه، فمن أين عرف أني أبخل عليه بالنشر والرد، إن اتسعت صفحات (الرسالة) لما يريد؟
لو فكر قليلاً لعرف أن من الخير للحياة الأدبية أن يكون فيها كاتب يثير بعض القراء إلى الحد الذي يسمح بأن ينفعل فيكتب مئات الكلمات باهتمام واحتفال: فكتابة ١٥٠٠ كلمة في ساعة غضب توقظ العقل والذوق، وتروض الكاتب على الاصطلاء بنار الفكر والوجدان
وما قال أحد أنه يبغضني ويحقد على إلا اطمأننت إلى تبليغ رسالتي الأدبية، فأنا أخلق الفرص خلقاً لإذكاء نار الغضب والحقد في القلوب التي طال عهدها بالغفوة والخمود. . . وهذا الغاضب الحاقد لا يعرف كيف انشرح صدري لما صدر عن قلمه من غضب وحقد، فذلك شاهد جديد على أن جهودي الأدبية لن تضيع
إن هذا المدرس لا يعرف كيف خدمته حين أثرت عواطفه الغافية، وحين قهرته على الفزع إلى القلم والمداد والقرطاس، وحين فرضت عليه أن يقول ما يقول بألفاظ خفاف أو ثِقال!
ادفع الثمن، يا جاحد، ليرفع الله عنك أصر الجحود!
الموت في الرؤيا حياة
الأديب الفاضل السيد (كاشف) الذي كتب إلينا من (أعالي النيل) رأى في منامه حلماً أزعجه أشد الإزعاج، وكيف لا ينزعج وقد رأى أن أعظم أحبابه الروحيين قد مات؟
وأجيب بأن الموت في الرؤيا حياة، فله أن يطمئن كل الاطمئنان
والطريف في هذه الرؤيا أن الميت هو صاحب (النثر الفني) وأن السيدة التي كانت تبكي خلف نعشه اسمها (ليلى) وهذا الأديب يرجوني أن أفسر له هذا الحلم المزعج ليذهب خوفه وأساه. . .
ومن غريب المصادفات أن أقرأ في جريدة الدستور قبل أن أتسلم خطاب هذا الأديب بلحظة قصيرة كلمة مترجمة عن جندي ياباني، وهي:
(حلمت ليلة أمس أني فقدت أبي، وقد أخبرني أحد رفاقي أن هذا الحلم فأل حسن)