نرى الشاعر ينقلنا من المدينة التي تنعقد فوقها سحب الدخان بطريقة ساحرة - ينقلنا من جو ملبد بالدخان إلى الهواء الطلق، إلى الشمس الساطعة، إلى حفيف أشجار الغابات، إلى خرير المياه، إلى تلاطم الأمواج بالرمال - ويساعدنا الشاعر على نسيان هموم العيش ومتاعب الحياة كأننا مستغرقون في حلم من لذيذ الأحلام
يجب أن يكون الشاعر ذا معرفة لا بالطبيعة الإنسانية فحسب، بل بالطبيعة بأكملها اكثر مما يتصف به غيره من الرجال. اخبرنا (كراب روبنسون) أن رجلاً أستأذن في مشاهدة حجرة مكتب (وردسورث) فأجابته الخادم قائلة: (هذه حجرة مكتب سيدي، ولكنه يقوم بالدرس في الحقول)
ولنقدر الشعر حق قدره يجب ألا ننظر فيه نظرة سطحية، أو نقراه على عجل، أو نطالعه لكي نتكلم أو نكتب عنه، بل يجب أن يركز الإنسان عقله في وضعه الصحيح
أن كنوز الشعر التي لا تحصى في متناول كل منا؛ فقد يكون خير الكتب ارخصها، إذ بثمن كوب من الجعة أو قليل من تبغ، نستطع أن نشتري أحد مؤلفات شكسبير أو ملتون، أو عدداً من الكتب يفيد الإنسان من مطالعتها طيلة العام
وفي تعرف فائدة الشعر، لا نقصر نظرنا على أثره في الماضي أو الحاضر فحسب، يقول مستر ولم يقم ثمة من هو أحق بالكلام عن الشعر منه: أن مستقبل الشعر عظيم، فالفكرة في نظمه هي كل شيء، وما عدا ذلك فهو ضرب من الغرور. ففي الفكرة تمتزج العاطفة والشاعرية، فتصبح الفكرة حقيقة. إن أقوى عنصر في الدين في أيامنا هذه هو الجانب الشعري غير المحس فيه
قد سمي الشعر بحق: سجل اسعد الأوقات وخيرها لخير العقول وأكثرها هناءة. . . الشعر ضوء الحياة، بل هو نفس صورة الحياة، معبراً عنها بصدق أبدي. . . الشعر يخلد كل ما هو خير، وكل ما كان أية في الإبداع والجمال. . . وانه يزيل عن بصيرتنا الداخلية غشاوة الابتذال التي تخفي عنا عجائب الكون! ما الشعراء إلا مرايا لتلك الظلال الكبيرة التي يلقيها المستقبل على حاضرنا
وفي الواقع أن الشعر يطيل الحياة: انه يخلق لنا الوقت إذا قيس الوقت بتتابع الأفكار لا بعدد الدقائق. . . والشعر هو روح المعرفة لا يحده زمان ولا مكان بل يعيش في روح