سابور. وعهد أنوشروان إلى ابنه هرمز، وجواب هرمز إياه، ورسالة كسرى إلى زعماء الرعية، وكتاب (زادان فرخ) في تأديب ولده، وآيين نامه الذي ترجمه ابن المقفع، وقد أمدت هذه الكتب اللغة العربية بثروة من الحكم الأخلاقية والأقوال المأثورة تتجلى في مثل كتب ابن المقفع: كليلة ودمنة، والأدب الكبير، والأدب الصغير، واليتيمة، وهي أصل لكتب الأخلاق العربية التي ألفت من بعد، ومن هذا النوع الكتب التي عرفت باسم المحاسن، أو المحاسن والمساويء، مثل: المحاسن لعمر بن الفرخان الطبري (في عصر المأمون). والمحاسن المنسوب لابن قتيبة. والمحاسن والمساوئ للبيهقي، والمحاسن والأضداد للجاحظ، فهذه الكتب لها نظائر في الفهلوية ألفت حتى في العصر الإسلامي. وهي معروفة باسم شايد نشايد، أو (شايسة نشايسة).
كتب التاريخ وكتب المواعظ لها أثر كبير على الأدب العربي بالمعنى الأخص. أعني الكلام البليغ نظمه ونثره، فهذه الأساليب المسهبة السهلة التي تقدم بها عبد الحميد وتلاه فيها ابن المقفع وغيره تأثرت بالأساليب الفارسية كما كانت موضوعاتها فارسية. وقد ذكر أبو هلال العسكري في الصناعتين وهو يحتج على أن البلاغة ترجع إلى المعاني: ذكر أن الذين عرفوا لغات غير العربية نقلوا بلاغتها إلى العربية في كتابتهم، وضرب مثلا بعبد الحميد الكاتب إذ أجدت على العربية بلاغته الفارسية، وأمر آخر يرجع إلى الشعر: هو الشعر المزدوج الذي نظم به أبان بن عبد الحميد كتاب كليلة ودمنة وغيره، فقد نظم شعراء الفرس فيما بعد كل ما نظموا من قصص في هذا النوع من النظم وسموه المثنوي. فلعل هذا النوع من أثر الفرس على اللغة العربية أيضا على قلة معرفتنا بحال الشعر عند الفرس قبل الإسلام.