سلّهُ ربُّهُ زماناً فأبْلى ... ثم ناداه ربهُ فأجابا
قدرٌ شاء أن يزلزل مصراً ... فتغالى فزلزل الألبابا
وجعل حمل النعش على المدافع دليلاً على أنه أضخم من أن تحمله الرقاب:
خرجتْ أمةٌ تشيِّع نعشاً ... قد حوَى أمة وبحراً عُبابا
حملوه على المدافع لما ... أعجزَ الهامَ حمله والرقابا
وأتخذ تعزية (التَّيمس) شاهداً على عظمة سعد فقال:
ساقت التيمس العزاء إلينا ... وتوخّت في مدحك الإسهابا
لم يَنٌح جازعٌ عليك كما نا ... حتْ ولا أطنب المحبُّ وحابَى
واعتراف (التايمز) يا سعد مقيا ... سٌ لما نال نِيلنا وأصابا
وغُرة هذه القصيدة هي الأبيات التي ينص فيها حافظ إبراهيم على أن روح الثورة لن يموت بموت سعد، وأن الأمة لن تُصَدْ عن الغاية بوعد أو وعيد:
ليت سعداً أقام حتى يرانا ... كيف نُعلي على الأساس القبابا
قد كشفنا بهَديْه كل خافٍ ... وحسبنا لكل شئ حسابا
حُجَجٌ المبطلين تمضي سراعاً ... مثل ما تطلِع الكؤوس الحُبابا
حين قال (انتهيت) قلنا بدأنا ... نحمل العبء وحدنا والصعابا
فاحجبوا الشمس واحبسوا الروح عنا ... وامنعونا طعامنا والشرابا
واستشِفّوا يقيننا رغم ما نلقاه هل تلمحون فيه إرتيابا
قد ملكتم فَمَ السبيل علينا ... وفتحتمْ لكل شعواء بابا
وأَتيتم بالحائمات ترَامَى ... تحمل الموت جاثماً والخرابا
وملأتم جوانب النيل وعداً ... ووعيداً ورحمةً وعذابا
هل ظفرتم منا بقلبٍ أبّيٍ ... أو رأيتم منا إليكم مَثابا
لا تقولوا (خلا العرين) ففيه ... ألف ليث إذا العرين أهابا
فاجمعوا كيدكم وروموا حِماهُ ... إن عند العرين أسداً غضابا
فهذه الأبيات هي خير ما في قصيدة حافظ، وقد خلت من معانيها قصيدة شوقي، وكان حافظ كثير الالتفات إلى المعاني التي ألف الزأر بها قبل عهد الاستقلال