وتمرين حواسهم وإيقاظ مداركهم، وحملهم على تعرف مظاهر الطبيعة حولهم، ووقفهم على أسرار الاجتماع، والتعاون على الأعمال، وتوجيه نفوسهم إلى النافع في الحياة؟)
أليست هي التي ترمي إلى إنماء الجسم وإيقاظ العقل وإحياء القلب؟ أليست هي التي تحتم جعل أساليب التعليم سائغة شائقة، تبعث في نفس الوليد الغبطة، وتنفخ فيه أسباب المرح، وتملأ قلبه بهجة وسعادة؟. . .
ليس اللعب في نظر المربين إلا وسيلة للتربية الأولى التي شأنها أن تؤدب النفس، وتهذب الخلق، وتقوم الطباع، وتوجه الغرائز. وما اللعب إلا العامل الأقوى في تهيئة تلك الأجواء التي تتطلبها التربية، وتلك الآفاق التي ترغب في إحاطة الوليد بها؛ فاللعب من أهم الأحداث في حياته - إن لم يكن أهمها - لأن من خصائصها التهذيب والتأديب والتثقيف، فضلاً عن تفتح النفس لألوان من المعرفة، وانفساحها لصنوف المؤثرات والأحاسيس، وتهيؤها للحياة المقبلة
وهو إلى ذلك - أي اللعب - يمثل دوراً اجتماعياً من الطراز الأول في الهيئة الاجتماعية. وإذا ما رجعنا إلى رأي العالم، كار نجده يقول: إن الألعاب لها الأثر الكبير في إنماء شعور التكتل عند الفرد، وهذا التكتل له الشأن الخطير في حياة الإنسان وفي رفع المجتمع البشري. وقد ذهب هذا العالم الكبير إلى أبعد من هذا الحد، فزعم أن كثيراً من الألعاب تساعد المرء على التخلص من بعض الغرائز الموروثة غير الاجتماعية والتي يتضرر المرء منها، إن هي بقيت متأصلة فيه
غير أن هذا التخلص لا يراد به سوى التسامي بهذه الغرائز وتوجيهها توجيهاً سامياً، فالانفعالات في الوليد أوجدوا لها علاجاً اجتماعياً أطلقوا عليه (التسلية النفسية) التي تتسامى بغرائزه غير الاجتماعية، وقت انفعالها إلى النواحي الاجتماعية كتربية الحيوان وتعهد الأزهار وغيرها
وقد تأثر العلم قديماً ولم يزل يتأثر حتى الآن، بالألعاب التي يتلهى بها الإنسان، وبفضل هذه الألعاب اكتشفت أول خصائص الكهرباء، وظهرت الدراجة، وحلت بعض المعضلات وتمتع العالم بشتى الاختراعات ومختلف الاكتشافات
إن الألعاب التي يلعبها المرء والملاهي التي يلهو بها هي عوامل لها الأثر في ترقيته