- بكلأسف. فأنا مضطر إلى الذهاب إلى المصلحة غدا صباحا ولذلك سأسافر بقطار الساعة الثالثة. ولا تنس إنني وعدت رأفت بك بالذهاب إلى منزله هذا المساء
- إنها فرصة سعيدة جدا، إلا تعرف؟
- فرصة لا باس بها وأن كان لا يهمني كثيرا الاختلاط بالطبقات الأرستقراطية، بل إني أضيق بالعادات والتقاليد الخاصة بها. وأحاول أن أتكلفها لئلا يفوتني شيء منها، فتقابل تصرفاتي بابتسامة أشفق منها على نفسي. ولذلك فأني في الغالب سأعتذر للبك بعد لليلتين بحصولي على مسكن وانتقل إلى أحد الفنادق
- كيف ذلك؟ أني أريد أن أكلفك بهمة هذا المنزل. مهمة شريفة جداً. يتوقف على قضائها مستقبلي، واقل تتوقف عليها حياتي، وقد خدمتني الظروف أجل خدمة بما حدث بينك اليوم وبين رأفت بك مما جعلك تقبل النزول في بيته، فتكون ضيفا كريما مسموع الرأي، مجاب الإرادة. فهل أنت مستعد أن تقدم لابن عمك وصديقك هذه المكرمة الميسورة لك؟
- لا افهم. إنما ثق أني على أتم الاستعداد لخدمتك فأنت أخي قبل كل شيء، فما هي هذه المهمة وكيف يتوقف قضاؤها على بقائي في منزل رأفت بك. أأنت تريد العودة إلى القاهرة؟
- هذا طلب ثانوي سيكون له وقته القريب أو البعيد.
اسمح لي دقيقة. . .
وقام كامل فغسل يديه بسرعة وجففهما ثم دخل إلى حجرة النوم وعاد ومعه الصورة في غلافها.
اقترب من أمين وقد امتقع لونه وعلت أنفاسه ورفع بين إصبعين من يده المرتعشة. فامسك أمين عن الأكل وحملق بعينيه وفغر فاه وقال بصوت ملؤه الغرابة والدهشة:
(رسمية! بنت رأفت بك، أنت بتحبها!؟ مين جاب لك الصورة دي؟). . . (آه يا عفريت). جلس كامل وهو لا يكاد يعي ما يسمع أو ما يقول ثم أجاب - الصورة مهداة إلى أمي. وليست لي بالذات، أما إني احبها فلست ادري إن كان الحظ أو سوء المصير هو الذي أوقد نيران هذا الحب في قلبي، فهو يستعر به ولا تنبئ عنه إلا هاته الزفرات.