للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولكل مراتب الحركة والعمل (فعل) في الإنجليزية ينطبق عليها تماماً بغير ضرورة إلى استعمال ظرف أو أي تعبير للتحديد أو الإيضاح. وفعل يرفس وهو مثل من آلاف الأمثلة التي تزخر بها اللغة الإنجليزية، ليس له مثيل في أية لغة أوربية، كما أن الفعل في الإنجليزية يتغلغل في الجملة بأكملها، فيبرز جرسها ويحدد وزنها

والذي تفصح عنه اللغة الإنجليزية ببراعة هو دقائق تكوين الذكاء الإنجليزي الذي تبدو الفكرة في ثناياه كأنها لم تخلق إلا للاستعداد للعمل والترحيب به وجعله سائغاً. وقد ذكر سلفادور دي مادرياجا عن هذا الموضوع في كتابه (الإنجليز والفرنسيون والأسبان) آراء في منتهى السداد والدقة، قال:

(إن الذكاء الإنجليزي في الدرجة الأولى من القوة، ويبلغ أقصاه أثناء العمل وعندما يكون الإنتاج العملي محط النظر، ولكنه لا يتكلف المشقة من أجل تصرفات لا تجدي، وهذا هو أحد أسباب الشهرة السيئة التي نسبْت إليه؛ كما أن هناك سبباً آخر، فذكاء الإنجليزي، وهو أقل تخصصاً في الأمور الذهنية، كأنه ذائب في جميع أنحاء جسمه؛ وهذا ما يفسر بطئه في التحرك، فإنه لا يكفي أن يحشد التهيج الخارجي قوى المخ وحده بل جميع الجهاز العصبي أيضاً، كما أن الإدراك لا يتم بالمخ وحده ولكن بجميع الجهاز العصبي كذلك. ولهذا كانت الآلة العقلية في الإنجليزي أكثر تعقيداً وثقلاً وبطئاً للبدء في العمل)

وهذه الفكرة التي تركزت في العمل من تلقاء نفسها تتضح في مذهب المنفعة الغريزي الذي نجد الأدلة العديدة عليه في تاريخ إنجلترا، والذي يفسر كثيراً من الأمور في عادات الإنجليز، فالإنجليزي يتجه قُدماً نحو العمل عندما يتعلق الأمر بالتصرف مهما كانت الوسيلة. ومن السهل عليه أن يقنع بالضروري، ويكون لديه كل ما لم يفد مباشرة في الغرض الذي تكفل ببلوغه فائضاً عديم الجدوى، ومع ذلك فإن هذا لا يعني أن العمل يقوم بطريقة تدل على التسرع والشدة والعسف، بل على العكس، فإن عادة الإنجليزي في التصرف وفهمه للحياة في ظلال العمل تعلمه أن يتصرف بهدوء وتؤدة، وتخول له أن يشعر بالراحة وهو في أوج العمل، وأن يدخل في حسابه على قدر المستطاع أوقاتاً للاستجمام والراحة

والإنجليزي لا يستسلم للاهتياج بسرعة، ولا للاندفاع إلى العمل بغير أن ينضجه تماماً في

<<  <  ج:
ص:  >  >>