للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِذَا أَذَّنَ الْفَجْرُ في أُفْقِهِ ... يُؤَذِّنُ عِزْرِيلُ فَوْقَ الأَكَمْ

فَتَهْوِي قُصُورٌ لها في السَّماَ ... جَبينٌ عَلَى النَّجْمِ عَالٍ أَشَمّْ

وَتَهْوِي قُبُورٌ عَلَى أَرْضِهَا ... تَكادُ مِنَ الْهَوْلِ تَبْكي الرِّممْ

أَلا مَنْ لِسَارِينُ تَحْتَ الدُّجى ... يُسَقَّوْنَ مِنْ كُلِّ بُؤْسَى وَهَمّْ

تُهَاجِرُ أَيَّامُهُمْ وَالطّوَى ... بأَحْشَائِهَا وَقْدَةٌ مِنْ ضَرَمْ

لَهُمْ سِيرَةٌ رَاحَ يَرْوِي الأسَى ... أَسَاها بِدَمْعٍ كَسَيْبِ الدِّيَمْ

دِيَارُهُمْ أَقْسَمَتْ لاَ تُرَى ... فَبَرَّ الْخَرابُ لها بالْقَسَمْ

فَلمَّا تَهاوَتْ عَلَى أُسِّهَا ... وَدَكْ الثّرَى صَرْحُها المُنْهَدِمْ

مَشَى المَوْتُ أَعْمَى ضَريرَ الْعَصَا ... يُنَقّلُ في كُلِّ عُمْرٍ قَدَمْ

تَنُوحُ بِكَفَّيْهِ زَمَّارَةٌ ... إِذا نَامَ زَمَّارُها لمْ تَنَمْ

نماَ غَبُهَا في خَرابِ الْبِلَى ... وَطَافَ بِهِ الشُّؤْمُ يَسْقيِ الأَجَمْ

سقَا فَرْعَهُ مِنْ صُرُوفِ الزْمانِ ... رَزَاياَ مُشَعْشَعَةً بالنِّقَمْ

بأَدْغَالِهِ لاذَ جِنُّ الْفَلا ... وَبومُ الدُّجى بِذَرَاهُ اعْتَصَمْ

نماَ غابُها. . . لَيْتَهُ ما نماَ ... وَلاَ مِنْ حَشاهُ عَوَى أَيُّ فَمْ

إذا وَلْوَلَتْ في ظَلامِ الضِّفَافِ ... أَصَابَ الْبِلى مِنْ صَداها صَمَمْ

فَلا صَرْخَةُ الطِّفْلِ تَلوِي خُطاهُ ... وَلَوْ ذابَ فِيهَا حَشا كُلِّ أُمّْ!

مُفاجِئَةٌ لا تَعِي مَا الوُعُودُ ... وَلا مَا الْعُهُودُ وَلا مَا الْحُرَمْ؟

إِذا صَفَرَتْ ذَابَ قَلْبُ الضِّيَاءِ ... وَدَسَّ الدُّجى وَجْهَهُ الْمُدْلَهِمْ

تَخَيَّرَتِ اللَّيْلَ مَسْرَى نِدَاها ... كَمَارِدَةٍ تَشْتَكي لِلسُّدُمْ

عُوَاءُ الذِّئَابِ لَدَى نَوْحِهَا ... أَلَذُّ اسْتماعاً وَأَشْجَى نَغَمْ

تُنَادِي فَيَنْشَقُّ جُرْحُ الأَثِيرِ ... عَلَى قَاذِفَاتِ اللَّظَى وَالْحُمَمْ

طَوَائِرُ لمْ يدْرِ سَاقيِ الْحَدِيدِ ... أهَوْلاً سَقَى قَلْبَهَا أَمْ ضَرَمْ؟

وَهَلْ سَاقَها لِلْوَغَى سَائِقٌ ... مِنَ الْجِنِّ أَمْ عَاصِفٌ مِنْ عَدَمْ

يُغِيرُ بها وَالْكَرَى نَائمٌ ... وَلَيْلُ الْحِمى رَاهَبِيُّ الْحُلُمْ

وَلِلنِّيلِ إِغْفَاَءةٌ أَقْبَلَتْ ... عَذارَى الْخَيَالِ بها تَسْتَحِمّْ

<<  <  ج:
ص:  >  >>