سَجَا وَاطْمَأَنَّ كَأَنِّي بِهِ ... نَبِيٌّ يُبَارِكُ خَطْوَ النَّسَمْ
وفي وَجْهِهِ قِصَّةٌ لم يَزَلْ ... مَعَ اللهِ قِرْطَاسُهَا وَالقْلَمْ!
أَغَارَتْ عَلَيْهِ رِيَاحُ المَنُونِ ... فَضَجَّ لَها مَوْجُهُ المُرتَطِمْ
وَحَالَتْ مِنَ الرُّوْعِ شُطْآنُهُ ... نِدَاءً يَصِيحُ بِمَوْتَى الْهِمَمْ:
مَشَى نَافِخُ الصُّورِ في أَرْضِكُمْ ... فَكُونُوا الْبَشِيرَ لِبَعْثِ الأُممْ
دَعُوا الهوْلَ يأتِي كما يَشْتَهِي ... فَإِنْا أَلِفْنَاهُ مُنْذُ الْقِدَمْ
يُديِرُ عَلَيْنَا خُطَا السَّافِيَاتِ ... عَلَى جَبَلٍ سَرْمدَِيِّ الشَّمَمْ!
عَلَى خَمْرَةِ الصَّبْرِ مِلْنَا بِهِ ... نَشَاوَى بِسِحْرِ الأسَى وَالأَلمْ
فَمَنْ رَامَ كَيْدَ الْحِمَى وَيْلَهُ ... سَيُشْقِيهِ جَبَّارُهُ المنتَقِمْ!
وَيَسْقِيهِ من سُخْرِيَاتِ الْفَنَاءِ ... عَتِيٌّ عَلَى الدَّهْرِ يُدْعَى الْهَرَمْ
أَبُو الْهَوْلِ فِينَا يَسُوقُ الزَّمانَ ... وَيَرْعَى اللَّيَالِيَ رَعْيَ الْغَنَمْ
فَمَا الْهَوْلُ؟ ما خَطْبُهُ إِنْ دَجَا ... سِوَى هَاجِسٍ بِخُطاَنَا أَلَمّْ
دَعُونَا نُحَيِّ الوَغَى وَاللَّظَى ... وَإِنْ كَرْبُها في ثَرَانَا احْتَدَمْ
فما يَصْرَعُ الْمِحَنَ المُبْكِيَاتِ ... إِلاّ الذي ذاقَها وابتَسَمْ!
دَعُونَا نُحَيِّ لَهِيبَ الْخُطُوبِ ... وَإِنْ جَمْرُها في حَشانَا اضْطَرَمْ
سَئِمْنَا حَيَاةَ الزَّمَانِ المَرِيضِ ... وَعَيْشَ الزَّمَانِ السَّقِيمِ اَلْهرِمْ
دَعُونَا نُقِمْ مَجْدَنَا في النُّجُومِ ... فَمِنْ ضَوْئِها قد نَسَجْنَا الْعَلَمْ
سَتَعْصِفُ أَيَّامُنَا بالوُجودِ ... وَتَهْزَأُ أَروَاحُنَا بالْعَدَمْ
وَنَبْنِي جَدِيداً لِتَارِيخِنا ... كَفَانا فَخَاراً بِسِحْرِ الْكَلِمْ
تَمرَّدَتِ الأرْضُ تبْغِي الوُثوبَ ... فَمَا بَالُنَا بالْكَرَى نَعتَصِمْ
أَلا فَلْنَقُمْ من عَمِيقِ الرُّقادِ ... فلاَ بَعْثَ لِلجِيل إِنْ لمْ نَقُمْ!
محمود حسن إسماعيل