تلبس الخُلد وتنضوه فما ... أجدرَ القومَ بعسف الحائرين
لِمَ يا دنيا - وقد أنشأتِهِ ... بدعة - في خُلده لا تبدعين
عاش ممنوع قرين في العُلا ... ليته في الخُلد ممنوع القرين
ذلك هو الموضوع الأول من موضوعات هذه القصيدة، والقارئ يشهد قوة الفطرة والطبع في مثل هذا البيت:
تكبُر البلوى به حين مضت ... والبلايا حينما تمضي تهون
أما قوله:
أمضت بعد الرئيس الأربعون؟ ... عجباً! كيف إذن تمضي السنون
فهو من القوة بمكان، ومعناه أن الأربعين يوماً طالت حتى عصفت بالصبر الجميل، فكيف إذن تمضي السنون، وهي طوال طوال؟!
أطايب القصيدة
وفي هذه القصيدة كثير من الأطايب، كأن يقول الشاعر في عصامية سعد:
يا كبير النفس في ميعته ... وفتىَّ البأس والعمرُ وهون
وعصامياً بَني الطَّود وكم ... هُدمت أطواد أقوام بُنين
زاهداً في كل فانٍ وله ... طمعٌ في المجد أعيا الطامعين
خلف السؤدد آفاقاً وما ... جاوزِت دنيا ثراه أربعين
قبل ميلادك لم يشرف أب ... من بني الريف ولم تنجب بطون
وفي هذا البيت إشارة صريحة إلى خصيصة من أظهر خصائص سعد، وهي نشأته الريفية. ويريد بها الشاعر أن يجعل سعداً عريقاً في العظمة القومية، وكأنه يعرض بمن كانت لهم أصول مدخولة في هذه البلاد، وبدون هذا الغرض لا يتسق الكلام، فللريف المصري فضل كبير في إنشاء المواهب، وما نشأ عظيم في مصر إلا وهو موصول الأواصر بذلك الريف، وإن كان من الدخلاء
ومن أعجب خصائص الريف أنه ينبوع المواهب، ويفتح أمام الأذهان آفاقاً لا تفتحها المدائن. ومن هنا يصلح أي ناشئ في الريف للنهوض بإعمال لم تؤهله لها ثقافته الشخصية