وذكرت الأستاذ مطران بما كنت أرجوه وقد لقيته في حفل خاص مع الدكتور علي باشا إبراهيم؛ فقال الجراح الأكبر: ألست تذكر أنها نشرت في الأهرام؟ قلت: نعم! فقال: أطلبها من أنطون بك الجميل. فقلت: ولكن ذلك يضيع فرصة الحديث عن هذه القصيدة في هذا الوقت، وسأقدم مقالي لمجلة (الرسالة) بعد يومين أثنين
ثم نظرت في القصيدة الثانية فرأيت فيها محاسن جديدة لا أذكر أني ظفرت بمثلها في القصيدة الأولى، فقدّرت أن الشاعر اختارها عن عمد، لتكون صوته المختار في تأبين سعد.
ومطران يقسّم قصائده الطوال إلى موضوعات وتلك عادته منذ زمن بعيد، وقد تحدّث في قصيدته عن الشؤون الآتية:
(مات سعد وروح سعد باقية - مأتم سعد في مصر والشرق - ترجمة سعد - سعد في الصحافة - سعد في المحاماة - سعد في القضاء - سعد وزيراً للمعارف - سعد نائباً عن الأمة في العهدين - صورة سعد - سعد في أحاديثه - سعد الأديب - سعد الخطيب - سعد الزعيم الأكبر ووصف أخلاقه - سعد في وجه أعداء الوطن سعد في صحابته - سعد في منفاه وبعد عودته فائزاً - سعد في رياسته للحكومة الدستورية - بيت الحياة وبيت الخلود - إلى أم المصريين)
وقد أحتفل الشاعر بهذه الموضوعات فتكلم عنها بتفصيل شائق خلاب، كأن يقول في سعد الخطيب
قضى الخطيب الذي كانت فصاحته ... حالاً فحالاً هي الآلاء والنعم
حدِّث عن البلسم الشافي يمرّ به ... على الجراح قد استشرت فتلتئم
حدِّث عن البلبل الغِرِّيد مختلفاً ... بين الأفانين من تطريبه النغم
حدث عن الضيغم الساجي يثور به ... تحرُّشٌ بحمى الأشبال لا القَرَم
حدث عن السيل يجري وهو مصطخبٌ ... حدث عن النار تعلو وهي تحتدم
حدث عن البحر والأرواح عاصفةٌ ... والسحب عازفة والفُلك ترتطم
وكأن يقول في وصف أحاديث سعد:
قضى الذي كان ناديه ومحَضره ... قلادةً لكرام الناس تنتظم