قاع البحر بالمكان الملائم لنموها فتلتصق سريعا بالقاع، ثم تتطور فيتميز لها فم تحيط به اذرع لدفع الغذاء إلى الفم، ثم يتكون للحيوان هيكل جيري يأخذ في النمو سريعا فتقوى اذرعه ويكبر تجويفه حتى إذا اكتمل نموه بدأت عمليتا التوالد والتكاثر على نحو ما قدمنا فتتسع قاعدته وتطول شعبه، وتتفرع بالتزر كما يزرع نفسه في الأماكن المجاورة بالتوالد.
وهنا اقتلع الدكتور كرسلاند من الماء شعبة مرجانية زرقاء فانساب منها سائل هلامي شفاف له قوام كثيف ثم قال: إن هذا السائل عبارة عن أشلاء مئات الحيوانات المرجانية، تسقط عن هياكلها الجيرية بعد أن فارقت الحياة لأنها لا تقوى على البقاء خارج الماء، وأما هذه الشعبة - انظروا إلى الثقوب فيها فهي قرية أو مستعمرة مرجانية، وعما قليل يضيع لونها الأزرق وتصير سمراء ثم بيضاء - إنها قصفة تنكسر، بسهولة، وهذه المرجان لا يغرنكم شكله الجميل، فهو حيوان مفترس، فالكائنات البحرية الصغيرة التي يسوقها سوء الطالع بالقرب من اذرعه تلاقي حتما حتفها، فعلى الأذرع تنتشر ابر دقيقة تنتهي عند قواعدها بأكياس صغيرة تحتوي على سم شديد الفعل، فمتى انغرزت الإبر في جسم الحيوان شلته عن الحركة فيقف جامد فتمتد إليه الأذرع وتلصقه بها، ثم تدفعه رويدا إلى الفم، فمتى وصل إليه انفتح بالقدر اللازم لابتلاع الفريسة، ثم يطبق عليها وتبدأ عملية الهضم داخل التجويف، والمرجان من أكلة اللحوم فهو لا يتغذى بالنبات، وهو يتنفس مثلنا بالأوكسجين يأخذه من الماء ونحن نأخذه من الهواء.
والمرجان موجود في معظم بحار العالم، ولكن النوع الذي يبني الجزر والحواجز العظيمة لا يعيش إلا في البحار الاستوائية قليلة العمق، حيث يتوافر دفء الماء وصفاؤه، ومن صفات المرجان انه يموت إذا انكشف عنه الماء أو غطته رواسب كطمى الأنهار. والمرجان نوعان: نوع صلب وهو هذا، ونوع لين يكاد يشبه العشب البحري وله ملمس كالجلد، ثم أن النوع الصلب على اشكال، فمنه الريشي أي ذو الشعب، وهو أكثرها انتشارا وأجملها منظراً، ومنه ألوان كثيرة بديعة كالأرجواني والأصفر والأخضر والأسمر، ومن أشكاله أيضا النوع المخي وهو على هيئة تلافيف المخ، والنوع الطبقي وهو على هيئة أطباق صغيرة، والنوع الخيمي وهو على هيئة عيش الغراب.
ثم إن الدكتور كرسلاند بعد أن خطا بضع خطوات ونحن نتبعه وقف متفرسا وقال انظروا