في الماء: انظروا إلى هذا الأسماك الصغيرة التي تعيش بين الشعب، أليست جميلة حقا؟ إن وصفها يحتاج إلى بلاغة اكبر الكتاب وخيال اعظم الشعراء وريشة امهر المصورين - انظروا إلى حركاتها الرشيقة وهي تتسلل بين الشعب - فهذه اسماك لا يزيد طولها على سنتيمتر ونصف ذات ألوان بديعة براقة بين أزرق وأخضر وبرتقالي وأصفر وأحمر وأرجواني وأسمر، وبعضها نصف جسمه بلون والنصف الأخر بلون، وبعضها مخطط بخطوط واضحة محدودة: أزرق وأبيض، أو أصفر وأسود، وبعضها جسمه رفيع وبعضها جسمه مبطط يكاد أن يكون شفافا.
ثم انظروا إلى هذه المحارة العظيمة، أنها من النوع ذوي المصراعين، إنها كذلك تعيش مختبئة هكذا بين المرجان - ثم أن السماكين يخشونها ويحاذرون أن تزل قدم فيسقط أحدهم بين فكيها، فإذا انطبق المصرعان على القدم فانه لا يخرج منهما إلا مهصورا مهشما.
ثم انظروا إلى هذا (السجق) الأسود والأبيض، انه كذلك من سكان هذه المنطقة، والصيادون يسمونه خيار البحر، وهو حيان وديع لا يؤذي أحداً، ثم انه يكون عديم الحركة، فهو لا يسعى للقوت بل يكتف بدفع ماء البحر مع الرمل إلى جهازه الهضمي وهو عبارة عن قناة بطول جسمه، فيدخل الماء من طرف ويخرج من الطرف الاخر، والحيوان يكفيه ما في هذا الماء والرمل من موادعضوية حيوانات صغيرة لتكون غذاء له.
ثم انظروا إلى هذه السمكة التي تحاول مسرعة أن تختفي منا بين المرجان الأخضر - أنها (الدرمة) أو السمك البالوني - أن لونها يكاد يكون كلون البيئة التي تعيش فيها: - ظهر أخضر وبطن أبيض - ثم أنظروا إلى رأسها الكبير، وخصوص الفم، إلا ترون أن لها منقارا كمنقار الببغاء - ثم انه أمر (خير الله) كبير صيادي المحطة باقتناصها، فبعد دقائق كان يسحبها من الماء، ولم تكد تخرج منه حتى انتفخ جسمها وصار كالكرة الكبيرة (البالون) ثم قال هكذا طبيعتها كلما خرجت من الماء فهذا هواء الجو تضغطه في جسمها فإذا عادت إلى الماء زفرته فيتقلص جسمها كما كان - ثم قال لا تلمسوها بأيديكم لان جسمها مغطى بأهداب بيضاء من مادة لاذعة تحدث في اليد تخديراً.
ثم انه أنطلق ونحن في أثره اقبل على بقعة غنية بأنواع المرجان فقال هنا تعيش حيوانات بحرية كثيرة، والجهاد للحياة بينها على اشده، فهي لا تنفك في هجوم ودفاع - إن الغذاء