للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

التاريخ المصري وغير المصري نتيجة جهود فردية ولكنها قليلة جداً؛ ونحن عالة على علماء الغرب الذين درسوا نواحي متعددة من التاريخ المصري في عصوره المختلفة. ولكن هذه الدراسات المتعلقة بمصر سواء من جانب المصريين أو الأجانب لا تكفي مطلقاً. وقبل أن نفكر في اختيار موضوعات للبحث في تاريخ مصر ينبغي أن نقوم بأعمال تمهيدية واسعة النطاق وأساسية جداً، لكي يسير العمل سيراً منتظماً وفعالاً. وأول هذه الأعمال التمهيدية القيام بطبع كتالوجات وفهارس لدور الكتب ودور الأرشيف في مصر بالطرق العلمية الحديثة - أي بتبويبها وتقسيمها ووضع الفهارس لها - مما هو غير متوفر تماماً في الموجود منها حالياً، فضلاً عن غير الموجود أصلاً. ثم وضع الفهارس وقوائم للكتب والمخطوطات التي تناولت تاريخ مصر في العصور المختلفة؛ ثم جمع المخطوطات التاريخية ونشر بعضها نشراً علمياً حديثاً. وصحيح أن بعض الأفراد وبعض الهيئات مثل: المطبعة الأميرية، ودار الكتب المصرية، ولجنة التأليف والترجمة والنشر، تقوم بنشر بعض الأصول التاريخية. ولكن لم تنشر أغلبها النشر العلمي الواجب لخلوها من الفهارس مثلاً. ولقد عني المغفور له الملك فؤاد الأول بجمع الكثير من الوثائق المتعلقة بتاريخ مصر في القرن التاسع عشر من محفوظات مصر ومن بعض دور الأرشيف في أوربا وأمريكا، وقد حفظت في أرشيف عابدين؛ كما عنى بنشر بعض مجموعات من هذه الوثائق مثل مجموعة دوان وسامّاركو ومجموعة القرمانات السلطانية وكذلك أشرف جلالته على وضع مؤلفين عن تاريخ مصر العام باللغة الفرنسية، وأشترك في كتابتهما طائفة من العلماء الأجانب؛ ولكن هذا لا يعني أن العمل قد انتهى، فهناك عشرات الألوف من الوثائق لا تزال مجهولة عن نواحي هامة في تاريخ مصر منذ العهد العثماني حتى أوائل عهد محمد علي الكبير في دار المحفوظات المصرية بالقلعة، ويقابلها آلاف الوثائق عن هذا العهد محفوظة في دور الأرشيف الأوربية، وأغلبيتها الساحقة لم تمسها يد إنسان بعد. فلابد من حصر وجمع وتبويب هذه الوثائق في مصر وفي الخارج؛ ولابد من نشر بعض أجزاء منها نشراً علمياً.

وما عمله الغرب بخصوص نشر مجموعات ضخمة من الوثائق التاريخية، وما عمله ذلك الرجل المقيم في ظلال الأرز والجدير بالإعجاب والتقدير، من نشر بعض مجموعات من

<<  <  ج:
ص:  >  >>