للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- أمريكا يا مولاي بلاد بعيدة يسكنها الكفار، وظلت مجهولة حتى عثر عليها رجل أسمه (خريستوف كولمبس)، وهو كافر أيضاً. وقيل إن العرب كشفوا عنها قبله بدليل وجود مسلمين توطنوا هذه البلاد في جزر (الفلبين)

وقد ربته هذه السائحة أحسن تربية، ثم سافرت فأخذته معها إلى أمريكا، وهناك أيفع واستوى، فلما ماتت الأمريكية أوصت له بجميع أموالها إذا لم يكن لها أهل يرثونها

- وتوفر الشاطر ممدوح على تنمية ثروته، فساهم في صناعة (الأتومبيلات)، وكان هو الذي أعان مخترع (الفتوغراف) على إتمام اختراعه، وأنشأ محطة للراديو و. . .

- حسبك أيتها الجارية! ما هذه الرطانة التي تذهب العقل؟

- الأتومبيل يا مولاي سيارة تجري بقوة النفط المكرر

- وحدها!؟

- وحدها. . . كالقطار البخاري تماماً، ولكنها لا تسير على قضيب من حديد. والفتوغراف صندوق يوضع فيه قرص من الشمع الأسود المنقوش، وهناك إبرة ممغنطة تدور حول القرص فتسمع الصوت الذي سجل، فإما غناء وإما موسيقى وإما حديثاً يروى. والراديو آلة تلتقط الأصوات من مكان بعيد، فلو كان هنا راديو لأمكنك أن تسمع الهمس الذي يدور في القصر المسحور وراء السبعة بحور

- إن كان هذا من صنع الجن فلا غرابة

- كلا يا مولاي! لم تعد للجن هذه القدرة على الخلق والإبداع، وملك الجان نفسه أصبح عاجزاً عن أن يكون شيئاً إلى جانب أي عالم من أولئك العلماء المخترعين

- تقولين علماء؟ أهؤلاء المخترعون رجال فقه ولغة ودين؟

- حاشاك الخطأ يا مولاي. فالعلم في هذا العصر الذي أحدثك عنه لم يعد وقفاً على ذوي اللحى والعمائم، ولكنه أصبح عنواناً على غيرهم. . . حتى أولئك الكفار! ولنعد إلى الشاطر ممدوح فبعد أن أغتنىي وأضحى ذا ثروة طائلة، تذكر وهو في بلاد الغربة أن له أختاً تكفل بها أحد أقاربه ولم يكن يعرف عنها شيئاً؛ فلما طغت عليه موجة الذكريات أنشأ يترنم بهذه الأبيات:

اذكرونا مثل ذكرانا لكم ... رب ذكرى قربت من نزحا

<<  <  ج:
ص:  >  >>