للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمشكلات، أو سيصنفون فيها الكتب والمقالات. ولاشيء من هذا وذاك يشغلهم في الحقيقة وإنما هو العقل المتفتح لما حوله لا يستطيع أن يحتجب عنه أو يحجبه عن الوصول أليه، ولو كان في ميدان قتال!

نعم ولو كان في ميدان قتال!

وينبغي أن نذكر هذا الاستدراك وأن نعيد ذكره ولا ننساه، فإن الجندي في ميدان القتال إما مشغول بحركة العمل الحربي، أو بحركة الرياضة والمرانة والاستعداد، أو هو إن فرغ من هذه وتلك منصرف إلى اللهو والتزود من متعة الحياة؛ فليس في وقته متسع للقراءة كائناً ما كان موضوعها من السهولة والتشويق، وأحرى ألا يبلغ من اتساع وقته لها أن يحتاج الجيش كله إلى كتب ومجلات تعد بمئات الألوف

ولكن الحاصل هو هذا

الحاصل أن الجنود المقاتلين أو المتأهبين للقتال يقرءون ويدرسون، ويشترون الكتب ولا يقنعون بمئات الألوف التي يتبرع لهم بها المتبرعون

وينبغي أن نعيد هنا توكيد ميدان القتال والقراءة على أهبة من دخول الميدان

فإن طوائف من الشبان المصريين - والشرقيين عامة - كنت إذا لمتهم في الإعراض عن القراءة والمعرفة قالوا لك إن العصر عصر رياضة ولعب وركوب ومسابقات، وليس بعصر قعود ودراسة وقبوع في المكتبات! فهم يعتذرون من خمود الذهن بما ينتحلونه من نشاط الجسد. . . وليس من النشاط أن يصاب الذهن الإنساني بالخمود ولو صحبته ألوف من الأذرع والسيقان لا ينقطع لها حراك

فهذه الطوائف من الشبان خليقة أن تعلم أية رياضة هي رياضة الجندي على أهبة القتال. فهو في رياضة لا انتهاء لها في صباح ولا مساء، بل في رياضة تبلغ من العنف أن تستنفذ جهود الأعضاء والإفهام

ومع هذا هم يطلعون ويستطلعون، وتضفر منهم المطالعة والاستطلاع بحصة من الوقت لا تضفران بعشر معاشرها من أوقات شبابنا في أبان البطالة والسلام

قال لي أديب يحب أن يتحذلق بالغريب من الآراء: أترى أن القراءة شاغل من شواغل الطبيعة؟ أليست هذه الكتب وهذه الأوراق بدعة من بدع الصناعة التي لا أساس لها في

<<  <  ج:
ص:  >  >>