أنتظر أن تكون للأدب قوة السيطرة على المجتمع، لا حسن الطاعة في خدمة المجتمع، فالمجتمع مريض ونحن الأطباء، ولو كره الخوارج على سلطان القلم البليغ
يستطيع الأستاذ أحمد أمين أن يستوحي قراءة سبعين سنة أو ثمانين أو تسعين، ثم يلقاني بعد ذلك، إن عشت وعاش، فلن يكون محصوله الفكري والأدبي غير أوشاب جمعها من أوهام القراء
أيكون الأستاذ أحمد أمين فهم أن (الأدب للأدب) معناه أن يكون جهد الأديب مقصوراً على وصف الأزهار والرياحين، والأقمار والشموس؟
إن ذلك ما فهم فأين صرخة العقل المقدود من ضمير الوجود؟
وأين الأقباس الروحية التي نستعين بها على كشف المجاهيل من سرائر القلوب والعقول؟ الكاتب يعنى بجميع الشؤون: فيتحدث عن الغنى والفقر والصحة والمرض والعلم والجهل، على أن يكون أنفعل بهذه المعاني، بحيث تصير من الغايات التي تشغل روحه الموهوب، وبحيث يكون الاهتمام بالمجتمع غرضاً من أغراضه الصحاح
أما القول بأن يكون قلم الكاتب أجيراً للمطالب الوطنية والاجتماعية فهو قول مردود، ونحن أول من يرفع راية العصيان، فلن نخدم الوطن إلا طائعين، ولن نعترف للوطن بأي حق إلا إذا اعترف بأننا أصدق أبنائه الأوفياء
وماذا بقى لمصر الفرعونية والإسلامية بعد المسطور من آثار القلم البليغ؟
وبأي حق صار لمصر سلطان أدبي في الشرق لهذا العهد؟
تلك جهود أقلامنا، أقلام أسلافنا. فمن خضع لصوت الحق واعترف بأن ما بذلناه لخدمة مصر والشرق كان عملاً تنصب له الموازين فهو رجل صادق الإيمان، ومن جهل حقنا فهو صائر لا محالة إلى القرار في هوة العقوق
الأدب للأدب، كما يقول عباس العقاد
والفن للفن، كما قال بعض أقطاب الفرنسيس
والأدب هو الصدق، كما قال الرجل الذي تعرفون
فمتى تعترف الدولة الرسمية بالدولة الأدبية؟
البقاء للحق. البقاء لبياض القرطاس وسواد المداد، ولن يتخلى الله عمن يرى الصدق في