(ممنوع طلب الأدوار)؛ أما الكاتب فقد عجز عن القول بأنه صاحب الحق المطلق فيما يعالج من الشؤون
يجب أن يخرج الكاتب الأجير من الميدان، الكاتب الذي يرضى بأن يكون أجير الوطن أو أجير المجتمع؛ فما يكون الرجل كاتباً إلا إذا شعر بأنه مؤيد بقوة روحانية تعصمه من أحلاف الزور والبهتان. وذلك هو الكاتب المنشود؛ الكاتب الذي يرغم الدهر الاعتراف بأنه طاف على أهل زمانه بكاس لم يذوقوها من قبل، ولم يعرفوا في أي كرمة نبغ رحيقها النفيس!!
فمن هؤلاء الذين يحملون الأقلام وليسوا لحملها بأهل، لأنهم عبيد تلاميذهم من القراء، ولأنهم يتوهمون أن القلم وسيلة من الوسائل النفع الرخيص؟ من هؤلاء؟ من هؤلاء؟!
لن تكون كاتباً إلا يوم يستطيع قلمك أن يصنع بقرائك ما يصنع الدواء بالمريض، والدواء قد يزلزل الجسد فيمثل له شبح الموت، ثم تكون العافية، وكذلك يصنع القلم الصادق، فهو يزلزل الفكر والعقل والروح، ثم تكون العافية الفكرية والعقلية والروحية لمن يصلحون البقاء، ولا بقاء لغير من يستمعون صوت الصراحة والصدق والإخلاص
دنيا هذا لا عصر هي التي أضاعت الكاتب الصادق؟!
وقد دار رأسي منذ سنين حين سألت أحد كتاب باريس من الهواة التي تفصل بين كتاب فرنسا المحدثين وكتابها القدماء من الوجهة الروحية فأجاب وهو محزون:
!! ' '
وما أشد جزعي لما صرنا إليه! فالشرف لا يعوزنا، ولكن الشجاعة هي التي تعوزنا فنحن بالفطرة شرفاء، وإنما نحتاج إلى قوة من الحزم والشراسة والإباء. وأقول بصراحة إن الأدب في مصر على شفا الهاوية، لأن الأدباء يستوحون قراءهم، وتلك علامة الغثاثة والهزال، ومثلهم في ذلك مثل الطبيب الذي يستشير المريض في وصف الدواء!!
قد تقبل هذه الحال من الكتاب الذين يشتغلون بتسلية الجماهير ليأخذوا أموالهم كما يأخذها (الحاوي) في ساحات (الموالد). فاعذر الكتاب الذين أعدتهم مواهبهم ليكونوا هداة صادقين؟ (الرأي القائل بأن يكون الأدب للأدب هو رأي سخيف) كذلك قال الأستاذ أحمد أمين، حفظه الله! ومعنى كلامه أن يصبح الأدب في خدمة المجتمع؛ وهو كلام معقول، ولكني كنت