للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سخرت الأوساط الأدبية من آراء ماكس إشترنر ومن كتابه (الفرد وما يملك) وعلى الأخص الشيوعية منها، فنشرت جريدة الراين (دانيشة تزايتنك) جريدة كارل ماركس نبي الشيوعية مقالات تهكمت فيها من نظرية إشترنر؛ وانبرى أمثال كارل كرين وموذس هيس ونفر آخر من محرري الجريدة فنشروا رسالة بعنوان (آخر الفلاسفة) سخروا فيها من الفيلسوف ومن آرائه

لم يفهم ألمان ذلك الزمن معنى لهذه (الأنانية) العلمية الجديدة، ولم يدافع أحد من فلاسفة العصر عن آراء فيلسوف (الأنانية)، ولم يتمكن محب الدنيا من استغلال الدنيا. لم تقبل الدنيا عليه رغم إقباله عليها. ظلت مدبرة عنه وهو مقبل عليها. توفيت زوجته الأولى (بنت الشارع) في السنة الأولى من زواجه، وطلقته زوجته الثانية (الحرة البوهيمية) لأنه حاول أن يتزوج مالها مكتفياً به عنها. ولم تنفعه شيئاً (جمعية أحرار الروح) التي ألفها مع بعض زملائه البوهيميين المفاليس في حانة (هبل) إحدى حانات برلين. لأن الحياة البوهيمية تحتاج إلى مال، وهذا ما لا قبل للفيلسوف به. ولم ينجح صاحبنا في بيع (الحليب) وتوزيعه عندما اضطرته الدنيا إلى العمل. فقد انهال عليه الحليب وقل الزبائن، وذهب آخر فلس لديه. ولم تنجح آخر نظرية من نظرياته الفلسفية، عندما دخل طوعاً واختياراً في عالم الديون والقروض، ثم في عالم النشل والإجرام حيث قالت الحكومة: عدوته رقم واحد، كلمتها وأدخل السجن. وبذلك أثبتت عملياً أن فيلسوفنا لم يكن على حق فيما قال

لم ينعم (صاحب الجلالة) كما كان يلقب نفسه حتى بقليل من الاهتمام. نعم عده الفوضويون الأجانب نبيا من أنبيائهم المرسلين، وحسبوا كتابه معجزة من معجزات الدماغ البشري؛ فكتبت فئة منهم عن نبيهم، كما فعل الاسكتلندي جون هنري مكي صاحب كتاب (سيرة ماكس إشترنر) وكتاب (الفوضويون). وكذلك الأمريكي توكر صاحب جريدة الحرية الأمريكية، والفرنسي فيكتور بشي في جامعات فرنسا

لم تنصف الدنيا فيلسوفنا الفقير، ولم ينصف أهل الأرض ذلك الفيلسوف المتعجرف الذي كان يكتب الحرف الأول من كلمة (أنا) دائماً بالحرف الكبير، دلالة على العجرفة والعظمة؛ فعسى أن يكون نصيبه من الآخرة خيراً من نصيبه في الدنيا.

<<  <  ج:
ص:  >  >>